لأول مرة في تاريخ لبنان ينزل شعبه “كله” ضد الطبقة السياسية كلها، بالرئاسة والحكومة والمجلس النيابي و”النافذين” و”المستغلين” وأصحاب الثروات المجهولة المصدر.
نزلت الجماهير في بيروت ـ الأميرة، متجاوزة تقسيمها بين “غربية” و”شرقية” وبين “مسلمين” متناحرين في ما بينهم، كما مع الفريق الآخر أي مع المسيحيين.. موحدة، متماسكة، تردد الهتافات ذاتها..
كما نزلت الضواحي والجهات التي كانت بعض العاصمة قبل أن يفرض عليها ما استحدثته الحرب الأهلية من تسميات تقسيمية مثل “شرق بيروت” بمعزل عن “غربها”، حتى صار الأهل أغراباً في عاصمتهم الواحدة الموحدة لجميعهم، والتي يتجاور فيها المسجد مع الكنيسة، كما في قلب بيروت وفي سائر مدن لبنان، طرابلس وصيدا وصور والنبطية وزحلة وبعلبك ومجدل عنجر وراشيا وكامد اللوز، وكما في جبل لبنان بمدنه وقراه، وكما في عكار والكورة وصولاً الى زغرتا.
لأول مرة في تاريخ لبنان تتهاوى العصبيات الطائفية والمذهبية، ويعيد اللبنانيون اكتشاف عمق وحدتهم الوطنية، ووحدة مطالبهم في الطموح الى وطن محرر من الطائفية والمذهبية.
لقد كان الشارع الوطني في لبنان يعبر عن مطالب اخوته العرب في مختلف أقطارهم من سوريا الجريح الآن، الى العراق النازف دمه وثرواته، الى اليمن التي اسقطت السعودية و”دولة” الامارات الجمهورية فيها، وأعادت تقسيمها بين شمال وجنوب، في حين احتلت “جيوش” الامارات من المرتزقة بعض جنوبها مشجعة أهله على العودة الى الانفصال عن الشمال… اما جيوش السعودية، معززة بالطيران الأميركي، فقد حاولت عبثاً الوصول الى صنعاء وتعز والحديدة وسائر البلدات والقرى والدساكر، وهكذا انتقمت منها بتدمير عمرانها وقتل نسائها وأطفالها، ومساعدة الجرب والكوليرا وسائر الأمراض المعدية على الانتشار في نواحيها كافة..
انها “الأخوة” صافية، صادقة في “حبها” لأهلها جميعاً في المشرق والمغرب..