الحمدلله الذي أنعم على لبنان، من دون غيره من بلاد الدنيا، بفصل الصيف.
والصيف اللبناني كان له، في الماضي، عنوان محدد هو: مهرجانات بعلبك..
ثم أخذت المهرجانات تتوالد من ذاتها وتتكاثر حتى شملت معظم مراكز الاصطياف، قبل أن تفعل الغيرة فعلها فاذا لكل مدينة، على الساحل او في الجبل او بين بين مهرجانها.. بل أن ثمة بلدات لا يعرف الناس الطريق اليها بات لها مهرجانها الخاص هذا العام الذي يعاني فيه الناس جميعاً من ازمة اقتصادية خانقة.
لكن الغيرة، والرغبة في الخروج من عنق الزجاجة، وحب الفرح والانس والميل الغريزي إلى الطرب والدبكة، والرقص والنشوة الخالصة، في قلب الهموم، لعلها تنسي المهموم اثقاله ساعة او بعض ساعة.. كل ذلك يدفع الناس إلى الهرب من همومهم إلى ساحة الدبكة والآه المطلقة تعبيراً عن الفرح.
وهكذا ابتدعت المدن والبلدات والقرى من ادنى لبنان إلى اقصاه، ساحلاً وجبلاً وبين بين، مهرجانات للفرح بمطربين ومطربات من المشاهير او حتى من انصاف المشاهير، وفرقاً للدبكة بعضها مميز كفرقة هياكل بعلبك بقيادة عمر حماده، وبعضها الآخر فرق هواة يخبطون اقدامهم ويقفزون في الهواء..
لا يهم أن معظم لبنان بلا كهرباء، وبلا مياه صالحة للشرب..
المهم أن صيف لبنان، جبلاً وساحلاً وبين بين، سيشهد عشرات المهرجانات.. تعلو فيها اصوات المطربين والمطربات، وتخبط اقدام الدبيكة الارض، وترتفع الآهات وصيحات الحماسة لعلها تخفي الواقع الاقتصادي المتردي، ومقاطعة الاخوة الاغنياء من اهل النفط والغاز لبنان الشقيق، لأسباب بعضها مفهوم كتورط هؤلاء في الحرب في سوريا وعليها، والبعض الآخر غير مفهوم .. وقد يكون متصلاً بكراهية الفرح البريء، وتفضيل علب الليل و”نجماتها” الوضاءة..
لكن الصيف سرعان ما سينتهي.. وتبقى الديون وشلل الدولة وظلم ذوي القربى..