برغم كل »الضمانات« التي تمّ توفيرها للمتهمَين الليبيين المطالبين الآن، بعد سنوات طويلة من الإدانة المسبقة والتشهير اليومي ببلادهما وبشعبها وبقيادتها السياسية، والتي صوّرت الجميع »سفاحين« ومن بين »أكلة لحوم البشر«،
وبرغم الالتزام برفع العقوبات التي كانت فُرضت على هذا الشعب الطيب والمكافح ضد صحرائه وضد ظروف التخلّف وترسبات العصر الاستعماري،
.. فلا بدّ من التذكير بأن شعب ليبيا قد أنهى العقوبة، من قبل أن يُحاكَم المواطنان المتهمان… وهو قد أمضاها في سجن معنوي ومادي يقوم على حراسته قاتل الأطفال في لبنان وفلسطين والعراق والسودان، وأخيراً في يوغوسلافيا بشقيها »الصربي« و»الألباني« على حد سواء.
وإذا ما اعتمدنا الإحصاء الرسمي لسكان ليبيا يكون هذا الشعب قد حوصر في »سجنه«، معزولاً عن الدنيا، ما مجموعه سبعة مليارات وستمئة وخمسة وستون ألف يوم (3 ملايين × 365 يوماً × 7 سنوات)!!
إنها محاكمة لأمة كاملة وليس لواحد من أقطارها، أو لواحد من قادتها السياسيين الذين جاؤوا بالثورة وجهروا بالعداء للمستعمرين (طلاينة وبريطانيين وأميركيين)، ومدوا أيديهم لمساعدة أشقائهم واخوانهم العرب في مختلف أقطارهم.
وهي محاكمة لمرحلة سياسية كاملة، أو لما تبقى منها، مذكِّراً بزمن النهوض والتحرّر، ربما لم يكن معمر القذافي أنجح أو أفضل مَن يمثلها، لكنه عوقب وما زال يُعاقَب دولياً؟! على الصح من مواقفه.
لقد عاقب الشرطي الأميركي أوروبا وآسيا وأفريقيا، وأساساً العرب، عبر ليبيا، لكنه استثنى مصالحه المباشرة من الحظر »الاستنسابي« والذي يؤكد القاعدة الدولية المعتمدة مع العرب من دون غيرهم وهي الكيل بمكيالين.
ولأن العرب كانوا أضعف من أن يعترضوا أو يمنعوا أو يخرقوا هذه العقوبات الظالمة بل المهينة لهم جميعاً، فقد طالت هذه العقوبات جميعهم، وأرهبت جميعهم، فالتزموا بها أكثر من التزام فارضيها الأميركيين!
لم يجرؤ واحد منهم على أن »يدوس على الخط« المرسوم!
إن الجريمة جريمة،
من هنا لم يتردد أي عربي، بمن في ذلك شعب ليبيا، في استنكار الجريمة البشعة التي أودت بالركاب المدنيين في الطائرة الأميركية فوق لوكربي الاسكتلندية.
أما جريمة الحصار المفروض على ثلاثة ملايين، وعزلهم عن العالم، ومنع ذلك الشعب الطيب من الاستمرار في محاولته الخروج من الحلقة الجهنمية للتخلف، فيمكن اعتبارها بحق »أم الجرائم« التي يبدو أن الأميركيين لن يتوقفوا عن ارتكابها في مشارق الأرض ومغاربها.
لقد عادت ليبيا إلى العالم، وعلى أهلها العرب أن يبذلوا مجهوداً كبيراً لاستعادتها!
بحث
Subscribe to Updates
Get the latest creative news from FooBar about art, design and business.
المقالات ذات الصلة
© 2024 جميع الحقوق محفوظة – طلال سلمان