مسلمون ضد الإسلام، عرب ضد العروبة: فيفا أميركا! فيفا إسرائيل!
اكتمل المشهد، مرة اخرى، او انه على وشك الاكتمال:
في جهة: »العدو«، وهو شرقي السمات، أسمر البشرة، عربي الحرف حتى لو لم يكن عربي اللسان، كثير الاستشهاد بالآيات القرآنية وبالأحاديث النبوية حتى لو لم يكن صحيح الاسلام..
»العدو« دكتاتور متوحش، نهم الى الدم، معاد للانسان، متخلف، همجي لا يعرف الرحمة، يكره الاطفال والنساء والموسيقى ويستفزه الجمال والورد والنور، ثم انه يملك طاقة لتدمير »عالم الكفر« كله، لأنه يخاف من التقدم الانساني الذي يفضح تخلفه، وترعبه الحضارية الانسانية لأنها تكشف غربته عن العصر ومجافاته لمنطقه.
»العدو« فظ، قاس، مدجج بالسلاح، لا يتورع عن استخدام الاسلحة البيولوجية والكيماوية ولا يتردد في إطلاق صواريخ محملة برؤوس نووية تضمن »إنجاز« الدمار الشامل، ويدفع ملايين الملايين بل المليارات من اجل صنع »المدفع العملاق« (الذي لم تتيسر لقطعه ان تتكامل، ولا توفرت فرصة »تركيبه« ومن ثم استخدامه والافادة من قوته الاسطورية)…
»العدو« ملتح، في الغالب الأعم، معمم على الارجح، وان كان يحب ان يظهر في صور متعددة: وهو في المسجد يصلي بخشوع، او وهو يتعبد ذاهلا والقرآن الكريم بين يديه، او وهو »يهز السلاح« على طريقة »النشامى«، او وهو يثبت قدرته الفائقة على التصويب الدقيق والاصابة القاتلة.
»العدو« بالحجم الطبيعي، وبالألوان الطبيعية: سفاح، سفاك دماء، شعاراته معادية للآخرين، كل الآخرين في كل مكان او زمان… ولذا فهو يرفض الوساطات والشفاعات، ويسخر من المؤسسات الدولية سواء أكانت هيئة الأمم المتحدة ام مجلس الامن ام الاتحاد الاوروبي ام منظمة المؤتمر الاسلامي (فضلا عن الجامعة العربية او 6 + 2، او 7 + 1 الخ)…
»العدو«… هارب من ميدان معركته الاصلية في بلاده التي عنوانها فلسطين وأولى القبلتين فيها، ملتحق بفسطاط »الايمان الاميركي«، في الاصل، للقتال ضد »فسطاط الكفر« الشيوعي، لم يعرف فلسطين ولم يعترف بجهاد شعبها ولم يقدم لها دينارا او رصاصة، لم يقاتل ضد اسرائيل وعنصريتها ولم يشغل تفكيره لحظة ان يفضح ممارساتها الدموية او ان يرد على اعتداءاتها على مدار الساعة، وسفكها المتواصل لدماء الفلسطينيين (واللبنانيين من قبل) من شركائه في الهوية او في الايمان او في كليهما.
في الجهة المقابلة، اي »عدو هذا العدو«: الغرب المتمدن، الراقي، الديموقراطي، حامي الحريات، المدافع عن حقوق الانسان، مصدر الحضارة والتقدم العلمي، مفجر الذرة والهيدروجين، مكتشف أدوية السرطان والايدز، مبتدع الكومبيوتر وبرامجه المتوالدة بحيث تنشر المعرفة والعلم وتكشف الحجاب عن الارض والفضاء وأعماق البحار، وتفتح الآفاق المقفلة أمام العقل الانساني.
في الجهة المقابلة: العالم كله… يُنسج تحالفاً دولياً متيناً، على قاعدة من »الوحدة الحضارية« وحماية المصالح الحيوية، والخوف على الانجازات الانسانية، وبذرائع يختلط فيها الصحيح والكاذب من الاهداف الجامعة.
.. بعد شهور من النفخ والتضخيم والتفخيم والتهويل بهذا »العدو« الاسطوري القوة، وجيوشه التي لا يحصى عديدها والمخيفة فعالية أسلحتها الهجومية ذات الطاقة التدميرية الشاملة.
بعد شهور من التركيز على صورته المنفرة، ومقولاته المستفزة، وادعاءاته التي تجرده من الصداقات والحلفاء والانصار.
وبعد اكتمال الحشد الدولي، بإمكاناته التي يمكنها تدمير الكون كله مرات ومرات.
وفي ظل حملة تخويف تُخضع الدول والمنظمات والأفراد، و»جباية« إجبارية تجعل مال الدنيا كله بتصرف هذا الغرب المنقذ للحضارة والحياة الانسانية فوق هذا الكوكب،
وفي ظل دمج مطلق لإسرائيل بالغرب بحيث يصير من يعاديها عدوا للعالم كله، ومن يطلق رصاصة واحدة عليها كأنما يحارب الحرية والتقدم والديموقراطية والغرب جميعا، أميركا بداية ومعها بريطانيا وأوستراليا وكندا و(قطر!!) والاتحاد الروسي وطاجكستان وأوزبكستان والهزارة الخ..
بعد شهور من التهويل والتشويق والخدع السينمائية والصور التي ليست فيها تفاصيل، مجرد شاشة خضراء تتراقص فوقها نقاط بيضاء، او دخان انفجار القذائف المهولة، او بالمصادفة صور الاطفال المقطعة أجسادهم.
بعد شهور من الحشد الاسطوري للأساطيل البحرية والجوية والبرية، يرافقه استعراض فخم لأنواع الصواريخ والقذائف الخارقة الحارقة والقادرة على الوصول الى قعر الارض وتدمير كل من وما هو فوق سطح البسيطة او تحته..
بعد شهور من الإثارة والارهاب الفكري والتدجين النفسي والتجنيد السياسي الاجباري والتخويف بحيث يُنكر الاهل أبناءهم وتنكر الدول رعاياها وسياساتها.
بعد شهور، وفي ضربة واحدة محكمة ومحاطة بكل فنون الإبهار الاعلامي، يتهاوى »العدو« الاسطوري، وتندثر حشوده ذات الألوف المؤلفة، ولا يظهر اي أثر لقوته السرية ومخططاته التدميرية وجراثيمه الفتاكة.
… وإذا المعاقل الحصينة خرائب، وإذا الجيوش الجرارة هباء، وإذا الارض مفتوحة لرجال التحرير الاميركيين يتنزهون على خيولهم المطهمة والحمير الأفغانية الحسنة التدريب، وكأنهم في كامب ديفيد او في تكساس او في كاليفورنيا ذات الجسور المعلقة…
سبحان مغيِّر الأحوال: فجأة يصير الأفغان من جماعة تحالف الشمال المخاصمين لطالبان من أهل الحضارة والثقافة ورهافة الذوق، يعبرون عن حبهم للحياة بكشف وجوه النساء وإطلاق الموسيقى وحلاقة الذقون… مع ان معظمهم، بقياداتهم والقواعد، من الملتحين، ونساءهم من المحجبات!
سبحان الذي على كل شيء قدير: يصبح هؤلاء الذين من رحمهم ولدت طالبان، والذين اليهم جاء أسامة بن لادن ومعهم نشأ وتدرب وقاتل تحت إشراف المخابرات المركزية الاميركية ورعاية باكستان وبالمال السعودي… يصبح هؤلاء روادا للحرية، دعاة لحقوق الانسان، ممثلين للديموقراطية والشرعية وحماة للحضارة الانسانية المهددة…
اما في فلسطين فإرهابي كل من رشق بحجر الدبابة الاسرائيلية التي تنسف بيته وتقتل أهله، او حاول منع الجندي الاسرائيلي من قتل أمه، او صرخ في وجه الحوامة الآتية لاغتيال قيادته.
وإرهابي ابن ارهابي وملعون الى يوم الدين كل من فكر، مجرد تفكير، بمنع المستعمر المستقدم من أقصى أرجاء الارض، من أخذ أرضه وطرده من بيته الى صحراء الشتات وبرد اللجوء.
أما في فلسطين فلا بد من التمكين لقلعة الحضارة والديموقراطية الغربية والعلم والتقدم الانساني وواحة الحريات، وذلك باستئصال الارهاب الفلسطيني وتدمير قواعده الخلفية، وإلزام الدول التي توفر له الملجأ الآمن كسوريا، او المنظمات التي تمده ببعض الدعم المعنوي او المادي مثل »حزب الله« في لبنان، بالتخلي عنه وإلا..
فمن في فلسطين ولبنان وسوريا وأنحاء اخرى مختلفة من ديار العرب ممن ما زالوا في زمن العداء لإرهاب الدولة الاسرائيلية هم قواعد خلفية للارهاب الذي كان عنوانه أفغانستان، وأما وقد ضرب الرأس فلا بد من إلحاق الاطراف به حتى ينعم العالم بالأمن والامان.
… وسلاطين العدل والحق والايمان في دنيا العرب هم المؤهلون للعب دور »تحالف الشمال« في أفغانستان.
انهم هنا، مثل أولئك هناك، رسل الحضارة والتقدم والديموقراطية، يرطنون بالانكليزية الفصحى، ولا يسخّرون الدين الحنيف لغير ما أرسل به نبيّه الكريم من دعوة الرعايا الى إطاعة أولي الأمر فيهم.
فيفا أميركا! فيفا الديموقراطية! فيفا إسرائيل! فيفا حقوق الانسان… غير العربي وغير المسلم!
تخاريف رمضان!
} أخيرا، وبعد ألف وأربعمئة وثلاثين سنة على »الرسالة«، وبعد خمسمئة وتسع سنوات من »اكتشاف« كريستوف كولومبوس أميركا، وقد تصادف ذلك مع طرد العرب (والمسلمين) من الأندلس (اسبانيا) وقيام »محاكم التفتيش« فيها،
… دخل »الإسلام« البيت الأبيض في واشنطن من باب »أسامة بن لادن« فأفطر على مائدة »الرئيس المؤمن« جورج بوش و. بوش!
} في هذا الإفطار، الأول في بابه، كان الطبق الرئيسي أفغانستان.
يتمنى كثير من المسلمين أن يقتصر تكريم الدين الحنيف من طرف بطل الحرب العالمية الثالثة على إفطار واحد، (إذ إن الإفطار = دولة، بشعبها وأرضها وحاضرها ومستقبلها)!
} الآن وقد اعترفت الولايات المتحدة الأميركية بالإسلام كدين سماوي سيعود كثير من »المسلمين« الى »دينهم« الذي كانوا يتركونه في بيوتهم مع الثياب القديمة أو غير اللائقة، كلما قصدوا الى »الحج« أو الى ولوج الجنة الأميركية!
} في رمضان تحديدا، وكنوع من إثبات الالتزام الديني، تتعامل الفضائيات العربية (وكذلك الأرضيات) مع جمهور مشاهديها وكأنهم مقامرون محترفون.
لكأن هذه المحطات باتت »ترشو« جمهورها أو »تشتريه«… ويمكن للمتفرج أن يعلن إضراباً إلا إذا دفعت له المحطة عن كل دقيقة متابعة لأي من برامجها… الذهبية!
} تقدم صلاح الدين الأيوبي بأكثر من شكوى الى المؤسسات الدولية كافة بدءا بمحكمة العدل الدولية مرورا بمنظمة العفو الدولية وانتهاءً بلجان حقوق الإنسان!
عليه أن يتقافز كل ليلة بين مجموعة من الفضائيات العربية لينجز حروب التوحيد والتحرير واستعادة بيت المقدس وطرد الفرنجة.. بينما الكاتب والمنتج والمخرج والممثلون كلهم ها هنا قاعدون!
قليلا من الرحمة بهذا البطل التاريخي الذي استنزفناه حتى بات كراقصات الصالات أو مطربي خيام رمضان!
… وتخريفة جدية!
مؤكد أن من كتب مسلسل »إرهابيات« ومن مثله وأخرجه وأراقه على شاشات الفضائيات العربية، إنما اصطنع تخاريف سياسية لم تخطر ببال مخلوق! إنها تخاريف رديئة نيئة، ومؤذية سياسياً ومهينة لنضال الشعب الفلسطيني، بل للأمة العربية جميعا.
ألا يخطر ببال من يكتبون مثل هذه النصوص المجافية للعقل والمنطق والواقع أسئلة من نوع: إذا كان قادة إسرائيل، شارون وباراك وبيريز إلخ، على هذه الصورة التي يقدمونها للناس، فكيف حال المهزومين العرب؟!
إن كان بوسع هؤلاء البلهاء، التافهين، الجبناء، السفاحين، المذعورين والجهلة أن ينتصروا على العرب مرارا وتكرارا وعلى امتداد نصف قرن أو يزيد، فكيف حال العرب إذن؟!
ليست إسرائيل المعنية بالاحتجاج، كما أشاع المشيعون، بل إن العرب هم المهانون، وهم الأولى بالاحتجاج والمطالبة بتوقيف هذا البرنامج المستهين بالعقل والوقائع.
العرب، شهداء وأحياءً، هم ضحايا هذا البرنامج الذي كتبه من يعبث بكراماتهم كبشر يعقلون!
… وتخريفة »جنسية«!
أكثر ما تكون المرأة غضبا حين يصفها الرجل بأنها »صديقتنا«.
وأكثر ما يكون الرجل خيبة حين تقول عنه امرأة: إنه أخونا!.
إنهما كرجل وامرأة لا يلتقيان إلا في نهار رمضاني طويل!
من أقوال »نسمة«
قال لي »نسمة« الذي لم تعرف له مهنة إلا الحب:
كنت أضحك ممن يقول إن الحب يطهرنا فإذا نحن لا نعرف الخبث أو الكذب أو الرياء. الآن أنا مؤمن بذلك كله، فالحب فضاح. كيف تداري حبك فلا يبين، إن لم تكشفه العين، كشفته اليد، أو أعلن عنه الوجه أو اللسان، فإن قصرت هذه جميعا فكيف يمكن إطفاء الجمر الذي يتوهج بأنفاس المحب؟!
الحب يعلن عن نفسه كأنه موكب لأعظم أباطرة الدنيا!