تمارس الإدارة الأميركية مع الرئيس فؤاد السنيورة سياسة ومن الحب ما قتل .
ليس فؤاد السنيورة بحاجة إلى كل هذه الشهادات الأميركية بكفاءته أو بإيمانه بمبادئ السيادة والاستقلال أو بصدق نزوعه إلى الديموقراطية.
وبالتأكيد فليس مما يزيد في مكانة فؤاد السنيورة علواً أو في الثقة بكفاءته أن تجعله الإدارة الأميركية رابع الثلاثة: قرضاي أفغانستان ومالكي العراق ومحمود عباس السلطة الفلسطينية.
كذلك فليس مما يطمئن اللبنانيين إلى قوة تمثيل حكومتهم للأكثرية أن تأتيها الشهادة من واشنطن مرة في اليوم، على الأقل، وأحياناً ثلاث مرات في اليوم الواحد.
وبغض النظر عن مدى الثقة بالإدارة الأميركية أو انعدامها فإن التأييد الخارجي لأي رئيس ضعيف لن يجعله قوياً في الداخل حتى لو أوهمه أنه قوي على الداخل.
بالمقابل فإن الأكثرية العددية في نظام توافقي لا تحمي حكماً أو حكومة، لا سيما إذا كان تكوين البلاد من الهشاشة بحيث يمنع الإحصاء العام للسكان حتى لا تختل التوازنات وترتفع الشعارات الهدامة كمثل القول المأثور الذي صدر عن بعض رموز هذه الأكثرية عن الفارق بين الكمية و النوعية .
لم يأتِ فؤاد السنيورة إلى رئاسة الحكومة باعتباره طرفاً.
ولم تفرض الأكثرية فؤاد السنيورة رئيساً بالإكراه على من لا يقبلون به.
لقد جاء إلى رئاسة الحكومة في لحظة نادرة في التاريخ السياسي اللبناني حيث تلاقت العواطف والمصالح ونزعة الوفاء لذكرى الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ومن هنا أنه حاز على إجماع ليس له ما قبله ولن يكون له ما بعده.. وعليه شخصياً ألا ينسى تلك اللحظة ومكوناتها السياسية.
لم تكن الإدارة الأميركية السبب في ذلك الإجماع، وإن كانت بتدخلها السافر، اليوم، تلعب دور المسبّب في إنقاص الإجماع إلى أكثرية ثم في إلصاق تهم شنيعة بهذه الأكثرية التي يبدو واضحاً أنها لا تستطيع منفردة أن تتصدى للمهمات الخطيرة التي تواجهها.
ولو كانت هذه الأكثرية قادرة فعلاً على التصدي، حتى قبل الحرب الإسرائيلية، لما كان ثمة حاجة إلى طاولة الحوار الوطني، في قلب دارها أي المجلس النيابي.
ولو كانت هذه الأكثرية قادرة اليوم لما كان ثمة حاجة إلى التشاور،
ولو كانت هذه الأكثرية تحظى بالتأييد الشعبي العارم الذي يدعيه لها أنصارها ويهددون به خصومهم، متجاوزين الورد إلى الرصاص ، لما كانت تعاني من كل هذا الكمّ من الخوف الذي يستولده النقص في الإيمان بالديموقراطية.
وليس من الديموقراطية في شيء أن يتهم كل من يطالب برحيل حكومة أو بتعديل حكومة في وطنيته، بينما يقبل أصحاب الاتهام أن يأتيهم التأييد برفض أي بحث في الأمر من العواصم الأجنبية. فالوطنية لا تصدّر وكذلك الديموقراطية.
وإذا كان تعبير الأكثرية يتجه إلى الدول فهو صحيح، أما إذا كان يتجه إلى الداخل فالأمر مختلف جداً، ولا بد من التدقيق حتى لا تصبح الوطنية تهمة تطال في من قد تطاله الرئيس فؤاد السنيورة ذاته.
بحث
Subscribe to Updates
Get the latest creative news from FooBar about art, design and business.
What's Hot
المقالات ذات الصلة
© 2024 جميع الحقوق محفوظة – طلال سلمان