لا تحتاج الديموقراطية المرّة الى أكثر من وزير داخلية فحل، والباقي تفاصيل!
سواء أشاركتَ في الاقتراع أم لم تشارك، رميت ورقة بيضاء، أم تدخلت في القوائم تعديلا أم تشطيبا، فالنتائج معروفة ومعلنة سلفا.
لا فرق بين الحزب الذي كان يساريا والحزب الذي كان يمينيا؛ الانتخابات تلغي الفروق بين العقائد، وكله عند العرب صابون!
أحزاب الماضي تُبعث فيها الروح، وتُخرج أعلامها من النسيان، في محاولة لإضفاء نكهة سياسية على انتخابات تجري خارج السياسة، لاستحداث منافسة غير قائمة بين الصفر والصفر، لافتعال معركة بين »المتعوس« وبين »خايب الرجاء«…
يقسّم الواحد على اثنين، على ثلاثة… المهم تكوين فرق متنافسة، ولو على اللاشيء، والمهم أن يثور الغبار، ويعلو الهتاف، وترتفع صيحات الحماسة، ويا حبذا لو أضيف إليها شيء من الشتائم، عندئذ تبلغ الديموقراطية ذروة اكتمالها وتتجلى في أبهى حالاتها فيرتفع رأس لبنان عاليا في منتديات الأمم المتحضرة.
الكل في الانتخابات سواء: المعارضة الحكومية كالحكومة المعارضة، التقسيم ضرورة انتخابية، فمن دون معارضة ولو بالوهم لا أصوات..
ثم ان الصندوقة السحرية الصغيرة صانعة أعاجيب: تضع ورقتك فيها فتخرجها منضبطة على إيقاع المطلوب والمحسوب والمرغوب.
لا يهم مَن اخترت ولماذا، لا يهم كيف حددت مرشحك أو مرشحيك، المهم أن »ولي الأمر« أدرى بمصلحتك منك، وهو يضطر أحيانا إلى حمايتك من ذاتك، من عواطفك وأهوائك، فيبدل لك بعض الأسماء في ورقتك، وقد يبدل الورقة كلها.
مضى، يا عزيزي، زمن العقائد والأيديولوجيات، والحياة ضد الجمود. وادعاء الوفاء غباء سياسي، وتقدير المواقف شأن عاطفي لا علاقة له بالسياسة.
ثم ان زمن المقاومة والجهاد قد انتهى، وكذلك زمن الاشتراكية، ولا فرق بين »قومي عربي« و»قومي سوري« إلا بالتقوى، ولا فرق بين »تقدمي« و»كتلوي« أو بين »كتائبي« و»انعزالي« إلا بالمصلحة الوطنية العليا.
لقد أنجزنا تحرير الجنوب، ولم يتبق أمامنا من مهام إلا تحرير المجلس النيابي من آخر جيوب النفوذ الأجنبي: الديموقراطية المستوردة!
وها هي الديموقراطية المحلية، المرة، كالقهوة المرة، عنوان الضيافة العربية، تكتسح كل ما أمامها من »متمردين« و»عصاة« و»خارجين على طاعة ولي الأمر«، محققة الانتصار المجيد على آخر جيوب… النفوذ الأجنبي!
أما المستقبل فله رب يرعاه، وإلى جانب الرب وزير فحل يتقن صنع الديموقراطية المرة، كما لا يصنعها شيخ مشايخ شمر أو عنزة وكل مشايخ القبائل مجتمعين!
بحث
Subscribe to Updates
Get the latest creative news from FooBar about art, design and business.
المقالات ذات الصلة
© 2024 جميع الحقوق محفوظة – طلال سلمان