قبل أن يعلن الرئيس الأميركي المنتخب بصوت واحد تجديد الحرب (التي لما تتوقف) ضد العراق، كان الرئيس الجديد للحكومة الإسرائيلية المنتخب بأصوات عتاة العنصريين قد أعلن »الحرب« فعلاً على فلسطين وسوريا والأردن ومصر ولبنان وسائر العرب من خلال برنامجه الجديد القديم، مفترضا أن هذا البرنامج كان »المنطة« التي أوصلته إلى السلطة في تل أبيب.
مرة أخرى نجد جورج د. بوش وأرييل شارون شريكين، كما في الجولة الشهيرة بالطائرة فوق الضفة الغربية وهضبة الجولان السورية، والتي كان شارون فيها دليلاً مقنعاً جديداً لحاكم ولاية تكساس جورج بوش.
لقد هدف الرئيس الأميركي بوش إلى ضرب أي مسعى جدي لنوع من التهدئة واستعادة الحد الأدنى من وحدة الصف العربي، مع تأكيد الإدانة لغزو صدام حسين الكويت، وإرهاب دعاة التقارب و»تطبيع« العلاقات العربية العربية كخطوة للتخفيف من معاناة الشعب العراقي، وهدر الأموال العربية في شراء سلاح لن يستخدم، والأهم: التخفيف من الهرولة في اتجاه العدو الإسرائيلي بذريعة الهرب من أو التحوط لخطر »العدو« العربي،
أي أن الرئيس الأميركي جورج د. بوش، الذي يؤكد في هذه اللحظة أنه ابن أبيه، يعلن الحرب على »احتمال« يلوح في الأفق العربي من شأنه أن يوقف الانهيار، وهو يستخدم مطارات عربية متجاوزا »سيادة« دول عربية ومسقطاً أوهام »الاستقلال« و»التحرير«، وملحقاً الإهانة بالعديد من »حلفائه« العرب إذ يفضحهم أمام شعوبهم (والعالم) ويظهرهم مجرد أتباع خاضعين لا حق لهم ولا رأي في قراره الذي يمس مستقبل أقطارهم وأمتهم.
كذلك فإن أرييل شارون الذي يتقدمه »تاريخه« الأسود كبرنامج سياسي لم يعدّل حرفا في هذا البرنامج الذي لا يمكن تمويهه أو التخفيف من معانيه ودلالاته المباشرة، والذي لا يعني غير محاولة إشغال الشعب الفلسطيني بداية وشعوب الأقطار المجاورة بالتالي في حروب أهلية، أعطاها هذا السفاح »عنوانا أردنيا«، ولكنها تطاول »دول الطوق« جميعا، ولبنان منها في الطليعة،
إن رفض البحث في عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم يعني في جملة ما يعنيه نقل المشكلة المتفجرة إلى ديار اللجوء، ولبنان منها أساسا… وإذا كان شارون قد ركز التحريض على الأردن، فإن صدى هذا التحريض سيفعل فعله في لبنان وأقطار عربية أخرى، ومن باب الاعتراض بطبيعة الحال ومن ثم المطالبة بحق النضال من أجل العودة، أو حتى من باب حق المشاركة في التصدي للخطر الاسرائيلي الدائم والداهم والمتفاقم..
لقد استبق الرئيس الأميركي جولة وزير خارجيته في المنطقة بتجديد مناخ الحرب فيها لابتزاز أهل المنطقة، ودول الخليج منها بالطليعة، ولجم المبادرة المصرية، وتخويف سوريا من مغبة توسيع التجارة مع العراق، وإرهاب لبنان الذي يرى في السوق العراقي ومن ضمنه النفط ما يساعد على تفريج أزمته الاقتصادية الحادة،
كما أنه استبق القمة العربية في عمان لتهديدها، ثم تحجيمها، وتفريغ قراراتها مما يلبي طموحات شعوبها.
ضربة صغيرة كإنذار من أجل أهداف كبيرة،
وهي ضربة تغطي الحرب الأخرى التي أطلت طلائعها بوصول شارون الى رأس السلطة في اسرائيل، والتي تستهدف أقطار المشرق مما كان يسمى قديما »دول الطوق«.
وبين الحربين سيكون علينا أن نصمد، وأن نواصل الحياة، وأن نحاول حماية حقنا في أرضنا وفي غدنا،
إن الموقف خطير بحيث لا يتحمل مماحكات محترفي السياسة في لبنان حول جدوى المقاومة، وسبب الامتناع عن نشر الجيش (بالقطار الآحادي) في الجنوب.
إن جو »حرب الآخرين« من أجل الهيمنة على المنطقة بكافة أقطارها يخيم فوقنا جميعا.
وأبسط ما نفعله هو الاستعداد للمواجهة المفروضة علينا، مرة اخرى.
وفي ضوء هذه الحقيقة يمكن فهم العملية الجديدة التي نفذها مجاهدو »حزب الله« ضد العدو الاسرائيلي في الأرض اللبنانية التي ما زالت تحت الاحتلال: مزارع شبعا.
إنها عملية من طبيعة وقائية، وهي تندرج في خانة الدفاع عن النفس وليس في خانة الهجوم طلبا لحرب… مع التكرار: إنها مفروضة علينا فرضا!
بحث
Subscribe to Updates
Get the latest creative news from FooBar about art, design and business.
المقالات ذات الصلة
© 2024 جميع الحقوق محفوظة – طلال سلمان