مع كل حكومة جديدة يتم نشر اجواء متفائلة وكأن الذين عادوا إلى السراي ومكاتب الوزارات، قد نزلوا للتو من الجنة وجاءوا لإصلاح كل ما هو غلط وانهاء زمن الفساد.
لكن الواقع هو الواقع، فنظام الفساد والإفساد لا يُسقطه تبادل المواقع في الحكومة، او ثبات شاغليها القدامى في مواقعهم… ولعل ما يُفسد التفاؤل بالتغيير تباري الوزراء، لا سيما الجدد او المجدد لهم بفضل كتلهم النيابية ثقيلة الوزن والوطأة، في التشهير بالفساد المستشري، وكأنهم قد اكتشفوه للتو وسيحاسبون ابطاله بالقانون.
“الحكي ببلاش”، يقول “العامة” ممن يعرفون يقيناً أن “الاصلاح” اسطورة وان المفسدين والفاسدين أقوى من “الحكومة” و”المجلس النيابي” وسائر مؤسسات الدولة، خصوصاً وانهم هم هم، بفضل اسيادهم الذين عينوهم، شركاء الفاسدين واولياء امر المفسدين.
تمر الأيام آتية بالنسيان.. وتذهب حكومة لتأتي أخرى، فتكرر الوعود والتعهدات، والانذارات بالمحاسبة ومعاقبة الفاسدين والمفسدين، لكن كل هؤلاء يبقون في مواقعهم، بل انهم ـ غالبا ـ ما ينالون التنويه والترفيع وربما أوسمة الشرف لإخلاصهم وجهدهم المشكور.
لا مجال امام الشرفاء الا القول: أن النظام فاسد مفسد، وان لا مكان فيه الا لمن لديه الاستعداد للانضمام الى الركب والصمت عن الغلط والا تواطؤ عليه “الجميع” وأحالوه إلى “التأديب” ثم أمروا بطرده، حتى لا يفسد الآخرين.
من عهد إلى عهد، ومن حكومة إلى أخرى، يتزايد عدد الفاسدين نتيجة تعاظم نفوذ المفسدين.. ومع ذلك يتكرر اطلاق الوعود بالإصلاح، مع كل حكومة جديدة، لا سيما عند تقدمها لنيل ثقة “النواب الكرام”..
أما الشعب فلا يغادر مواقع “المتفرجين”، ولا يملك الا اطلاق التنهدات ومداراة خيبة املهم .. باليأس!