»كلما تعقدت ظروفك الداخلية، وتهدَّد موقعك في السلطة، اضرب العرب فتخرج من حربك منتصراً، خصوصا وأنها من طرف واحد..«.
هذه هي القاعدة المعتمدة الآن أميركياً وإسرائيلياً مع العرب، من البصرة العراقية إلى فلسطين الفلسطينية مروراً بالداخل اللبناني الذي يكاد أن يكون داخلاً سورياً!
لا يهم المبرّر السياسي العام، ولا تهم القيمة العسكرية للنتائج »الميدانية«، المهم أن يسيل من الدم ما يكفي لطمس طبيعة الأزمة الداخلية، أميركياً أو إسرائيلياً، أما الذريعة فجاهزة دائما ومساحتها واسعة جدا تبدأ من تهديد الحياة الإنسانية فوق كوكب الأرض كما في الحالة العراقية، ولا تنتهي عند حدود تهديد الكيان الإسرائيلي، كما في الحالة الفلسطينية، بل هي تتضمن أيضاً ادعاء مكافحة الارهاب من طرف الأعظم تورطاً في استخدام »إرهاب الدولة« وبالأساطيل البحرية والجوية والصواريخ عابرة القارات ضد الشعوب مدناً وبلدات وقرى وأسراً طبيعية بنسائها وفتيانها والأطفال الرضع.
مَن يدري؟! لو استمرت ندوى السيد عثمان وأبناؤها الستة (لا سيما الرضيع صبحي؟!) على قيد الحياة، أي خطر كان سيتهدد القوة الإقليمية العظمى، إسرائيل؟!
من العبث محاولة تبيّن الهدف الإسرائيلي من الغارة الجديدة على هذه العائلة »الخطيرة« من قرية »طفيل« التائهة في قلب الجرد في سلسلة جبال لبنان الشرقية، قريبا من حقل الرماية الإسرائيلي شبه الدائم في قرية جنتا، على الحدود مع سوريا.
قد يكون الهدف »توجيه التحية« إلى العهد الجديد وحكومته الأولى، وبالتحديد الى التوكيد على الالتزام الثابت بحماية المقاومة وتلازم المسارين ووحدة المصير مع سوريا،
وقد يكون الهدف التوكيد على ما لا ضرورة لتوكيده من أن السيف الإسرائيلي طويل ويمكن مده من أقصى الجنوب الى أقصى الشرق بقاعا وأقصى الشمال شمالا، فإذا كانت المقاومة الباسلة تستطيع أن تضرب جنود الاحتلال عند الحد الدولي مع فلسطين تماما، فإن إسرائيل تستطيع مطاردتها على امتداد الأرض اللبنانية وإسماع سوريا صدى قنابلها المفجرة للأطفال عند حدودها الدولية مع لبنان تماما.
وقد يكون الهدف لجم موجة الغضب العربية على الاعتداء الأميركي (البريطاني) على العراق بتذكير مَن يعنيهم الأمر ان »الوكيل الاقليمي« جاهز وقادر على تأديب مَن لا تطاله أو من لم تطله بعد الصواريخ الأميركية،
بل لعل إسرائيل تريد تأكيد قدرتها على جني نتائج الحرب الأميركية على العرب في العراق وعبره، أو ربما للقول انها الأنجح في »التعامل« مع العرب، وأنها واضعة المبدأ الشهير: اضرب العربي فيعطيك كل ما تطلب، السلام والأرض والأمن، فاوضه فيأخذ منك… وهو أضعف من أن يستطيع أن يفاوض فلماذا تمنحه »السلام« أو الأرض أو حتى بعضاً منه وبعضاً منها؟!
لعل إسرائيل تريد تذكير العرب بأنها »هنا«، وبأنها مؤهلة لأن تشارك في تقريرمصيرهم، على قدم المساواة مع»حليفها الاستراتيجي«، والمهيمن على كوكب الأرض جميعاً.
لعل إسرائيل تريد »بيع« الأميركيين انها ردت برسالة مدوية على السوريين الذين تجرأوا على اقتحام سفارتها واحراق علمها والمجاهرة بادانة سياستها، واسقاط دورها المزعوم كراعية »للعملية السلمية« في منطقة نفوذ حليفها الإسرائيلي… وردع الاحتمال بتزخيم المقاومة عملها البطولي ضد الاحتلال في ظل هذا المناخ.
لكن الرسالة الإسرائيلية من طبيعة الحرب الأميركية ذاتها:انها لا تحل المشكلة الداخلية، ولا هي ستحد من تعاظم موجة الغضب العربي، ولا هي ستنهي المقاومة او ستضعف من قدرتها على الفعل او التفاف الجماهير حولها وحول »لا« المجيدة التي تقولها بالدم القاني المطهر للأرض المقدسة من آثار الاحتلال.
هي الحرب الأميركية الإسرائيلية المفتوحة على كل العرب،
وفي انتظار رد يتناسب مع شراستها وشمولها، مما يستدعي تلاقي العرب وتضامنهم وتوحيد موقفهم اقله من اغتيالهم اليومي، فإن نار هذه الحرب الوحيدة الجانب ستواصل التهام الدور والسيادة والعزة والارادة إضافة الى النساء والفتيان والأطفال.
ولا سبيل غير المقاومة بالموقف كما بالسلاح، بقرار الصمود المقدس كما بالدم الاعظم قداسة، والذي قد ينجح في تحويل الغضب من عاطفة الى فعل.
بحث
Subscribe to Updates
Get the latest creative news from FooBar about art, design and business.
المقالات ذات الصلة
© 2024 جميع الحقوق محفوظة – طلال سلمان