نشرت في جريدة “السفير ـ ملحق فلسطين” بتاريخ 15 كانون الثاني 2014
«الحل السياسي للقضية الفلسطينية» تعبير مهذب عن «الهزيمة» العسكرية العربية في مواجهة المشروع الإسرائيلي المنتصر على أرض فلسطين.
ليس في الحرب جوائز ترضية: المنتصر منتصر يفرض شروطه، والمهزوم مهزوم يحاول تغطية هزيمته بتسوية تخفف من وقع الكارثة بمحاولة استنقاذ ما يمكن إنقاذه.
المشروع الإسرائيلي «مفتوح» جغرافياً على مدى فلسطين جميعاً، و«مفتوح» سياسياً وعسكرياً على مدى الوطن العربي جميعاً، يتمدد بقوة دفع انتصاره ويتوسع بقدر التراجعات العربية أمامه.
وليست التوصيفات التي تدرجت من «التحرير الكامل لأرض فلسطين من النهر إلى البحر» إلى «حل الدولتين» الذي عبر عن نفسه في فترة معينة بشعار «السلطة الوطنية فوق أرض فلسطين»، وهو ما يعني فعلياً دولتين إسرائيلية وفلسطينية، ثم انتهى إلى «الدولة الواحدة» حيث يتساوى الجلاد والضحية تحت حكم الأقوى.
ما تقوله هذه التراجعات، في مختلف مراحلها، يعكس حقيقة «الخروج العربي من الصراع» الذي كان «عربياً ـ إسرائيلياً ـ فلسطينياً» مع الأخذ بالاعتبار فارق القوة ـ سياسياً بالأساس، ثـــم عسكرياً ـ بين الطرفين.
مَن كان المسؤول عن الخروج العربي من القضية الفلسطينية، من مسرح الحرب مباشرة بعد حرب أكتوبر ـ رمضان ـ تشرين وزيارة السادات القدس وما تلاها وصولاً إلى كامب ديفيد…
ألا يمكن اعتبار «اتفاق أوسلو» ابناً شرعياً لهذه التراجعات العربية، بغض النظر عن دور القيادة الفلسطينية المباشر فيه؟
إن مسلسل التراجعات العربية التي انتهت بالخروج النهائي من مسرح فلسطين لا يمكن أن يخفي حقيقة أن بعض القيادات العربية كانت تبرر مواقفها التنازلية بأنها إنما تمت بطلب فلسطيني… كما أن كثيراً من وجوه التراجع الفلسطيني قد نسبت إلى مطالب، بل ضغوط عربية على القيادة الفلسطينية.
والحقيقة أن ثمة تياراً فلسطينياً عريضاً كان يرغب بمثل هذه النتيجة… إذ إن «الكيانية الفلسطينية» لا تقل حدة عن أي كيانية أخرى في مختلف أرجاء الوطن العربي…
ولعل صراع الكيانيات هذا قد فتح الباب على مصراعيه أمام الحركات الإسلامية التي تقدمت لحمل الراية، متهمة الفلسطينيين، مباشرة، ثم العرب عموماً، بالتخاذل أو «بيع القضية»، رافعة شعار «الإسلام هو الحل».
في هذا الوقت كانت إسرائيل تتقدم لتتربع على عرش أقوى قوة في الشرق الأوسط، مقررة أن لها الحق في تقرير مصائر الشعوب وخرائط الدول جميعاً.