جاء الاتحاد العمالي العام بفضيحة سياسية، وها هو رئيسه يستقيل بعد سنة واحدة تقريباً بفضيحة سياسية أكبر وأعظم دوياً.
ومع التقدير للشجاعة الشخصية التي تصرّف بها رئيس الاتحاد المستقيل فإن السلطة التي كانت تفترض أنها قد أفادت منه لتغطية عورتها وتدخلها المفضوح لشرذمة العمل النقابي، تبدو الآن في قفص الاتهام ومدانَة مرتين.
لقد اكتملت دائرة الأزمة الاجتماعية الاقتصادية بهذه الخطوة غير المتوقعة: فإعلان الزغبي استقالته المعلَّلة يفضح خيبة السلطة وغباءها حين افترضت أن اللجوء إلى القمع قد يمنع الناس من طلب الحرية، وان التحايل على الهيئات الشعبية ولعبة الأرقام الخادعة والإبهار المستمر ببريق القروض التي تجيء نتيجة للثقة بلبنان.. إن كل ذلك قد يؤمِّن الخبز للعائلة التي تنتظره، وقد يسدِّد عن الأب أقساط المدارس عن أبنائه، وأنه قد يؤمِّن الطبابة والاستشفاء للعائلات المحدودة الدخل التي باتت تشكّل الأكثرية الساحقة من اللبنانيين.
لقد أفسدت السلطة النقابات، كما أفسدتها القيادات التي أخذتها فتوغلت بها بعيداً في دهاليز السياسة،
وها هي النقابات تتهادى فتكشف فساد السلطة وسياساتها، بقدر ما تكشف تهالكها كمؤسسة كان لها تاريخها المجيد باعتبارها محصلة نضال شعبي عريق،
إن استقالة الزغبي إدانة للسلطة التي أتت به إلى الموقع النقابي الأول ليس تقديراً لكفاءته وإنما نكاية بخصمها سلفه على رأس الاتحاد العمالي العام.
وليس ضرورياً أن تكون استقالة الزغبي إعادة اعتبار لالياس أبو رزق، لكن الرجلين معاً ضحية لمدى الفساد الذي يمكن أن تلحقه السلطة والتسييس البدائي (بخلفية طائفية ومذهبية) بالعمل النقابي.
لقد خرج الزغبي من الباب الكبير، بعدما كان اضطر إلى خلع الباب الصغير »للاستيلاء على الاتحاد«،
لكن الأزمة تبقى كبيرة، أمام السلطة أولاً ثم أمام الحركة النقابية التي اما أن تجدد نفسها، فوراً، واما أن تبقى جثة لا تجد مَن يدفنها، ويخسر لبنان أحد معالمه الديموقراطية.
بحث
Subscribe to Updates
Get the latest creative news from FooBar about art, design and business.
المقالات ذات الصلة
© 2024 جميع الحقوق محفوظة – طلال سلمان