أنقذ الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الذي يتنقل على كرسي متحرك، لإصابته بالشلل منذ دهر، آخر ما تبقى من رصيده الشخصي كرفيق لهواري بو مدين، ورئيس لجمهورية الجزائر الديمقراطية منذ عشرين سنة، بخضوعه لإرادة الشعب الذي ملأ شوارع المدن والقصبات في بلاد المليون شهيد طوال الاسابيع الماضية احتجاجاً على الاستمرار ولاية جديدة في الحكم.
أنقد بوتفليقة سمعة بلاده الجميلة وشعبه الجبار، بقراره الشجاع الذي اتخذه، مؤخراً، بالامتناع عن ترشيح نفسه لولاية رئاسية جديدة، وان كان قد مدد لنفسه حتى نهاية العام، لإعادة ترتيب “البيت” حتى لا يخضعه شعبه الذي ملأ الشوارع بالكلمة المقدسة “لا” للتمديد، “لا” للتجديد، “ارحل”، إلى محاكمة قد تنتهي بما يسيء إلى تاريخ قوافل الشهداء الذين منحوا دماءهم رخيصة لاستقلال بلادهم، وهم قد دفعوا ثمنه غالياً.
مبروك لشعب الجزائر هذا الانتصار للإرادة الشعبية، ولحق الاختيار، وللديمقراطية، وحق أبناء الشهداء واحفادهم في أن يختاروا حاكمهم الوطني بعد أن عانوا ما عانوه في ظل الاستعمار الفرنسي الذي الغى هويتهم فجعلهم رعايا من الدرجة الثانية او الثالثة، والغى لغتهم القومية وتاريخهم الوطني..
مبروك هذه الهدية يقدمها الشعب العربي في الجزائر لقضية الحرية وحق المواطن في الديمقراطية التي دفع ثمنها، وبالدم والشهداء، ما لم يدفعه أي شعب في العالم، لتكون بلاده له، وليكون القرار فيها من حقه المجلل بدماء الشهداء.
مبروك للمليون شهيد في الجزائر هذا النصر الجديد على الطغيان الداخلي بعد انتصاره على الاستعمار الاستيطاني الذي حاول الغاء هوية هذا الشعب بتاريخه المجيد.