تكشف الانتخابات النيابية التي تملأ البلاد ضجيجاً خاوياً من المعنى عن اندثار الحياة السياسية في لبنان.
اندثرت الاحزاب السياسية، لا سيما العقائدية منها، او تكاد (الحزب الشيوعي، الحزب السوري القومي الاجتماعي، حزب البعث، حركة القوميين العرب، حزب الوطنيين الاحرار، حزب الكتائب، الحزب التقدمي الاشتراكي..)
اندثرت الحركة النقابية، او تكاد (الاتحاد العام لنقابات العمال، الاتحاد الوطني لعمال لبنان، النقابات المهنية الخ)
حتى الحركة الطالبية اختفت عن مسرح العمل الوطني العام. طوى الاتحاد الوطني لطلاب لبنان اعلامه وذهب إلى مقبرة الصمت، ساحباً معه حركة الوعي..
صار الناس آحاداً، لا تنظيم يجمع شملهم، ولا عقيدة تحرك شوقهم إلى مستقبل أفضل.
واكتملت المأساة بتلاشي الثقافة، وضعف القراءة، فتهاوى الكتاب عن عرشه، وفقدت الصحيفة موقعها المميز كبشارة الصباح الجديد..
كيف في مثل هذا المناخ يمكن أن تشكل الانتخابات النيابية وعداً بغدٍ أفضل؟! كيف يمكن أن تكون مدخلاً للتغيير؟!
الاحزاب السياسية المتبقية كتل طائفية صماء..
والتحالفات إن عُقدت، انما تتم بين طائفي سكر خفيف وطائفي بسكر غزير..
من أين يمكن أن يتسلل “الوطني المستقل” إلى النيابة، بل إلى الحياة السياسية عموماً، المقفلة بالسدود الطائفية والمذهبية؟
لقد حُكم على جيل الشباب، مثقفاً او من اصحاب المهن، بمغادرة البلاد طلباً لفرصة عمل تقيهم شر الحاجة..
ومن يرفض السفر إلى الخارج عليه أن يستزلم لأصحاب النفوذ الذين يتحكمون بالمناصب والوظائف، مع احترام “التوازن الطائفي”..
من لا يقبل أن ينضوي داخل معتقل طائفته “مرفوض”،
ومن طأطأ رأسه فانضوى في هذا المعتقل “لا وجود له”!
من يذهب إلى صندوق الاقتراع غداً؟
وما هي المعايير لاختيار من يعطى الصوت التفضيلي؟
تلك هي المسألة!
يعاد نشر مقال تم نشره في 6 آذار 2018