على امتداد ثلث قرن أو يزيد كان انطوان الشويري ملك السوق الإعلانية بلا منازع، لقد بدأ من الصفر، تقريباً، ورأسماله شيء من الخبرة وكثير من الجرأة على الاقتحام في سوق الإعلان، فلما فجرت الحرب الأهلية في لبنان حمل حقيبته وقصد إلى باريس وهو لا يملك إلا فراسته ومقامرته على حظه..
ومن حظه أنه وجد بعض أمثاله من المغامرين الذين بلغت بهم الجرأة، مع قليل أو كثير من العون، ولأسباب سياسية بطبيعة الحال، حد الإقدام على إصدار مجلات سياسية لبنانيــة الواجهة “عربية” المضمون والمنحى بسبب مـــن هويــة “الممول” أو “المموليــن”، حكــومة أو “جهات” أو “أمراء” يمثلون دولاً غنية ولها موقفها من الحرب الأهلية من موقع المتورط فيها أو ربما الشريك أو المنتفع بنتائجها..
هكذا وجد انطوان الشويري، اللاعب الماهر، والمغامر بلا رأسمال، الفرصة لان يجرب حظه في “عاصمة النور” مع المجلات التي اتخذت منها مقراً.. وممراً إلى عواصم النفط وسائر الأطراف العربية المتورطة في الحرب الأهلية العربية – الدولية التي كانت تلتهم لبنان مستدعية إلى حلبتها بعض القوى العربية الغنية والتي تحب المغامرة على ارض غيرها وبدماء غير أهلها.
مع نهاية الحرب عاد انطوان الشويري إلى لبنان وقد امتلأ خبرة، وأمدته التجربة بشجاعة استثنائية.. وهكذا تقدم إلى “النهار” ليكون وكيل إعلاناتها ومعها ” لوريان – لوجور”، ثمّ اندفع مغامراً ليحتكر إعلانات تلفزيون لبنان، قبل أن “يتطوع” ليكون شريكاً فعلياً لـ “القوات” ومعها بيار الضاهر في مغامرة إنشاء تلفزيون ال.بي.سي.
في العام 1992 طــــرق انطوان الشويــري أبــواب “الســفير” بــرغم أننــــا كنــا نسميــه “الغول”. وكان بديهياً أن نهرب منه، ولكنه أصرّ على المحاولة مرة واثنتين وثـــلاثاً، ولــم ييأس مــن ضم” السفير” إلى إمبراطورتيه الإعلانية التي كانت قد هيمنت، والى حد كبير، على سوق الإعلان، مرة كوكيل، ومرة كضامن، ومرة ثالثة كشريك بالجهد ونسبة من العائد..
بعد صد، وهجوم جديد، ثمّ صد، ثمّ هجوم جديد، كاد الشويري ينجح في إقناعنا. قلنا: ولكنك وكيل إعلانات “النهار”، و “السفير” هي المنافس الأول لـ “النهار”.
قال انطوان الشويري الذي لا يعرف اليأس: سيزيد دخل “النهار” من إعلاناتها وسيزيد دخلكم في “السفير”. الم تطلق علي لقب “الغول” جربني ولن تندم..
ولكي ينهي ترددي قال “الغول”: ما رأيك أن نلتقي نحن الثلاثة، الأستاذ غسان تويني وأنت وأنا، فنناقش الأمر سوياً.
وهكذا كان التقينا إلى مائدة غداء في منزلي… وفوجئت بغسان تويني يوافق بحماسة، خصوصاً وقد بدأ الشويري طرحه باقتراح أن ننشئ نحن الثلاثة شركة تتقاسم أرقام الفائض من الأرباح التي ستجنيها “النهار” و “السفير”، بعيداُ عما تناله كل منـــهما من دخله الإعلاني.
طبعاً لم تقم الشركة، لكن انطوان الشويري حصل على امتياز إعلانات “السفير” أضافة إلى “النهار”.
ولقد تحول الشويري إلى صديق، ثمً إلى صديق عائلي، خصوصاً وان القيادة في مكتبه معقودة اللواء لزوجته السيدة روز ومعها ابنتها الراقية لِنا وابنه المغامر الذي يبز اباه بيار الشويري، الذي استشعر– وهو ابن أبيه – خطر تناقص السوق الإعلاني في لبنان فارتحل إلى دبي ليوسع مساحة “إمبراطورية الغول” متجاوزاً الإمارات والسعوديــة إلى مصر، وبطبيعة الحال بعض أوروبا تمدداً إلى اليابان والصين فالولايات المتحدة.. وأظنه يخطط لافتتاح مكتب في المريخ مع هبوط أول رائد فضاء فوق “أرضه”.
رحم الله انطوان الشويري هذا المغامر الحيسوب والمقتحم الذي لا يتهيب الصعوبة وملك السوق الإعلاني بلا منازع..