ضرب وباء كورونا العالم فاذا به “هش” بل “متهالك”،
توارت الادعاءات وقصائد مديح الذات والعنتريات، وتباهي الدول، لا سيما العظمى والأقوى بترساناتها الحربية، وتحطيم الارقام القياسية في النمو الاقتصادي والتفوق العلمي.
سبق أهل الصين إلى المرض، فلم يخجلوا به ولم يتكتموا عليه، بل أعلنوا عنه بشجاعة المسؤول عن سلامة العالم كله، انطلاقاً من تأمين سلامة المليار صيني. لم يتستروا، على الوباء. ولم يخفوا ارقام من اصيبوا به.. بل ذهب رئيس المليار صيني إلى المدينة الأولى التي ظهر فيها الوباء، وقصد المستشفى الذي يعالج فيه اوائل المصابين، فوضع الكمامة على وجهه ووقف مع الاطباء- العلماء يستمع إلى شرحهم كل ما يتصل بهذا الوباء: ما مصدره، ممَّ تتكون جراثيمه، وممَّ تتغذى، وكم عمرها الافتراضي، وبالاستطراد: هل ثمة علاج موجود، فان لم يكن موجوداً فلا بد من ابتداعه وايجاده لإنقاذ الصينيين ومن ثم البشرية.
…ثم انتشر الوباء في اربع جهات الارض، ناشراً الرعب والشعور بالعجز عن مواجهة هذا الوباء الفتاك..
فجأة خرج الرئيس الاميركي دونالد ترامب على العالم يزعم أن بلاده لا الصين، هي اول من اكتشف اسباب العلاج، كأنما الوضع يتحمل مثل هذا التباري..
وكان طبيعيا أن ترد الصين بالبراهين قاطعة الدلالة على سبقها إلى السعي لاكتشاف العلاج لإنقاذ المليار صيني، وليس لإحراز قصب السبق في مكافحة هذا الداء الوبيل.
أما في البلاد العربية فبدأ الامر بالإنكار، كالعادة، بذريعة حماية شرف النظام بغض النظر عن المخاطر التي تتهدد الاهالي… ثم بدأ الاعتراف بالكارثة على استحياء، وكان لبنان السبَّاق إلى هذا الاعتراف، في حين تسترت دول عربية على هذا المرض القاتل وكأنه سر حربي تمنع اذاعته او الكشف عنه حتى لا يستفيد منه “العدو”. وهكذا تأخرت السعودية قبل الاعلان عن اقتحامه مملكة الصمت والذهب قبل أن تباشر الاعتراف بالإضافة (مخفضة) على استحياء!
المسألة تتصل باحترام الشعب وحقه بالمعرفة، لا سيما عندما يتصل الامر بحياته مع عائلته واطفاله، ومن ثم العمل على الحصول على الدواء من أي دولة سبقت إلى اكتشافه.. فالمعرفة نصف العلاج، لأنها تقضي على الخوف فيصير الموضوع متصلاً بالعلاج واسباب الوقاية.
إن احترام الانسان يجعله اقوى في مواجهة الداء، لا سيما اذا توفرت لديه الثقة بنظامه وحكامه..
..وهذا الاحترام لا يتوفر كما يتم ، عادة، لا في تهريب قانون الانتخابات.. او في تعيينات موظفي الدرجة الأولى،
..او في تشكيل الحكومة برئيسها و”الوزراء” الذين يخرجون ، فجأة، وسط تكتم على اسمائهم وكأنها “من اسرار الدولة العليا” التي لا يُذاع لها سر!
السلطة التي تتكتم على الاوبئة والامراض المعدية لا تستحق ثقة شعبها، فضلاً عن ثقة دول العالم،
والوباء ليس سراً من اسرار الدولة، لا بد من كتمانه والتستر عليه.. وخدمة العدو تكون في اخفاء الحقيقة التي يمكن أن تقتل اهلها فتخدم العدو فعلاً.
والوباء أخطر من أن يُخفى او يموه وجوده.. بل أن التكتم على الوباء هو تواطأ معه على الاهل والاقربين!