لم تجد حكومة التطرف الإسرائيلي وسيلة لتأكيد نواياها السلمية واستعدادها لتطبييق القرار 425 القاضي بالانسحاب غير المشروط من الأرض اللبنانية التي تحتلها إلا.. توسيع رقعة احتلالها!
إنه نموذج غير مسبوق في الالتزام بالقرارات الدولية: الانسحاب بالتوسع… مع رفع لافتات بلغات متعددة تقول: »احترس ألغام«!
فحكومة التطرف الإسرائيلي لا تريد إلا الخير لأهالي أرنون، وهي لم تجد وسيلة لحمايتهم من قصف مدافعها وغارات طيرانها الحربي إلا بنقل تلك المدافع إلى أرض هذه القرية الجنوبية الصغيرة والصامدة في حمى قلعة الشقيف.
وبغير تنسيق مسبق، بمقتضى التحالف الوطيد الأركان، فإن تل أبيب وجدت نفسها تكرر ذرائع مشابهة لتلك التي استخدمتها الحكومة العسكرية بالواجهة المدنية في أنقرة لتبرير اختطافها القائد الثوري الكردي عبد الله أوجلان.
قالت الحكومة التركية ما مفاده إنها قد اعتقلت أوجلان لتحل المشكلة الكردية، وألمحت أيضا إلى أنها تواصل مطاردة الأكراد داخل تركيا وداخل العراق وعلى الحدود السورية، بل وعلى امتداد الكون، فتقتل من تقتل منهم (بالجملة) و»تأسر« من تأسر (بالآلاف)، ثم تقيم حول المنطقة الكردية زناراً من الموت والنار المحرقة… وكل ذلك من أجل حماية الأكراد مما يوسوس به الشيطان من أفكار محرّمة كالمطالبة بحقوقهم، كبشر بداية ثم كأقلية قومية لها الحق في أن تتكلم لغتها وأن تحظى بشيء من الإدارة الذاتية (داخل الدولة التركية لا خارجها) وأن يكون لها في السلطة ما يتناسب مع نسبة الأكراد إلى مجموع الشعب التركي!
فالحماية قد تكون بالاحتلال المباشر، أو بالاغتيال الجماعي أو بأسر مناطق كاملة بمن تبقّى من أهلها أحياءً وصمدوا فيها، كما جرى لأرنون اللبنانية على يد الاحتلال الإسرائيلي.
تركيا تحمي الأكراد من أنفسهم،
وإسرائيل تحمي اللبنانيين من أنفسهم.
تركيا تعتقل في أشهر عملية أممية لاختطاف رجل فرد، عبد الله أوجلان،
وإسرائيل تعتقل في عملية مكشوفة للعالم كله، ممثلاً بلجنة تفاهم نيسان، قرية لبنانية اسمها أرنون.
… ولعل إسرائيل تتعقب آثار صلاح الدين على الطريق التي قادته إلى حطين وهو قاصد إلى تحرير بيت المقدس.
مسموح لقوى الاحتلال والهيمنة والإبادة بأن تمارس »هواياتها« هذه، وممنوع على الضحايا أن يقاوموا ولو بالصراخ!
ومصدر الخطر، في نظر هذا العالم الخاضع للهيمنة الأميركية الإسرائيلية وبعض الأطراف المرتزقة الثانويين كتركيا، هي المقاومة!
والمفجع أن عليك أن تتقدم بشكواك إلى قاتلك أو سجَّانك!
ماذا يفيدك أن تشكو نتنياهو إلى كلينتون؟!
وماذا يفيد الأكراد أن يشكوا أجاويد إلى الرئيس الأميركي المذكور أعلاه؟!
… كالمستجير من الرمضاء بالنار!
مع ذلك فلن تتوقف المقاومة، ولن يتوقف المجاهدون في لبنان عن بذل دمائهم من أجل تحرير الأرض الأسيرة، مضافاً إليها الآن هذه القرية الصابرة: أرنون!
ولن يتوقف الأكراد في تركيا عن المطالبة بحقوقهم وعن النضال من أجلها، بدمائهم وبكل النبض في عروقهم، وقد أضيف إليها الآن مطلب الإفراج عن بطلهم عبد الله أوجلان.
الانسحاب بالتوسع… إنه التحدي الإسرائيلي الجديد للجنة تفاهم نيسان.
فها هو »الاحتلال« يمدّ ظلاله فوقها حتى يكاد يجعلها أشبه ما تكون بلجنة إحصائية تقتصر مهمتها على إحصاء أعداد الضحايا أو القذائف الإسرائيلية التي تقتل أطفالهم، يومياً.
ومثل هذه المهمة الجليلة لا تستحق حشد القطب الأميركي الأعظم مع دولة كبرى مثل فرنسا، إذ يمكن أن يتكفّل بها الصليب الأحمر أو لجنة الهدنة الطيبة الذكر، أو نواطير الكروم في شقيف أرنون!
بحث
Subscribe to Updates
Get the latest creative news from FooBar about art, design and business.
المقالات ذات الصلة
© 2024 جميع الحقوق محفوظة – طلال سلمان