ماذا تريد إسرائيل أن تقول لنا، في لبنان، وللفلسطينيين تحديداً، ومن ثم للعرب كلهم، عبر غاراتها اليومية التي تكاد تقيم بها “جزيرة حرب” في بحر السلام المزعوم الذي أغرقتنا فيه نجاحات “العزيز هنري” في تحقيق الفصل بين القوات العربية والإسرائيلية، وعجائب رحلة نيكسون التاريخية؟
ماذا تريدنا أن نفهم من خلال القنابل المحرقة وأسراب الطائرات المخترقة كل يوم جدار الطمأنينة الواهي الذي ركن إليه بعض الناس، بفضل الكلام المتفائل الذي لعلع عبر إذاعات أنظمة بينها الوطني والتقدمي والرجعي، إضافة إلى صوت أميركا، بل أصواتها المتعددة، وإلى إذاعة تل أبيب ذاتها؟!
من المقطوع به، بداية، إن الهدف من هذه الغارات سياسي ونفسي أكثر منه عسكري… فإسرائيل أعرف العارفين بأن الفدائيين لا يبادون بالطائرات،
كذلك فليس الهدف السياسي غرهاب لبنان، إذ يمكن لإسرائيل تحقيق مثل هذا الهدف، بكلفة أقل. ومن كلام سياسيينا يتضح أنه، من أسف، قد تحقق من زمان!
أما الهدف الذي يستحق حرباً تذهب إليها الطائرات بالعشرات، فهو إنقاذ ما يمكن إنقاذه من أسطورة إسرائيل القوية… القوية على لبنان، القوية خاصة على الفلسطينيين، والقوية بعد على العرب، عرب نيكسون والسلام الأميركي.
فإذا كانت حرب رمضان قد غيبت صورة إسرائيل الأقوى من كل العرب، فإن إسرائيل الأقوى من بعضهم، ومن كل منهم على حدة لا تزال موجودة وطويلة الذراع، وطليقته أيضاً بعد اتفاقات فك الارتباط.
وإسرائيل تريد أن تقول لنا أنها تراجعت، جزئياً، أمام كل العرب حتى تتجنب أي تراجع – ولو جزئي – أمام الطرف الأصيل، أمام القضية، أمام فلسطين والفلسطينيين.
وإن تفاهمها مع واشنطن، وكذا التفاهم العربي – الأميركي المستجد، لا يشمل فلسطين، بدليل أن طائراتها انطلقت لتقصف المواقع التي تفترض أنها قواعد للفدائيين قبل أن يغادر الرئيس الأميركي المنطقة.
إسرائيل تريد أن تقول ببساطة أنها الآن قد تفرغت للفلسطينيين، فخصصت طائرة لكل فدائي، تطارده وتطارده عبر السماء اللبنانية الصافية حتى تقتله، دون أن تخشى صواريخ الجبهات الأخرى.
تريد أن تقول إنها تفاهمت مع عرب نيكسون على الفلسطينيين،
وعلى هؤلاء العرب أن يثبتوا الآن أنهم ليسوا طرفاً في هذه المؤامرة… وأن يؤكدوا لنا صحة مزاعمهم التي رددوها ولا زالوا يرددونها صبح مساء من أنهم إنما تفاهموا مع أ/يركا من أجل فلسطين وباسمها وليس على حسابها!
بحث
Subscribe to Updates
Get the latest creative news from FooBar about art, design and business.
المقالات ذات الصلة
© 2024 جميع الحقوق محفوظة – طلال سلمان