لم يعطِ اللبنانيون أصواتهم، عبر استطلاعات الرأي أو التصريحات أو المسامرات، لإميل لحود لأنه عسكري، ولأنه قائد للجيش.
لقد »انتخبوه« لميزات »مدنية« فيه، ولأنه استطاع وهو العسكري ابن العسكري أن يحافظ عليها وأن يحفظها وأن يؤكد جدارته بحمايتها في نفسه كما في الإدارة وفي الشارع.
»انتخبوه« لأنه يؤمن بالمؤسسات، ولأنه يحترم القانون، ولأنه »وطني« في توجهاته وإن كان من خارج النادي السياسي، فإسرائيل عدو، والمقاومة فعل شرف وحق مشروع، وسوريا أخ شقيق للبنان العربي الانتماء والهوية،
و»انتخبوه« لأنه معاد للطائفية باعتبارها تلغي الوطن وتدمره، فهو لم يُعِد بناء الجيش بالمعنى التقني (عديد وعتاد وألوية وأفواج ومراتب وامتيازات)، بل هو قد أخرج الجيش من جحر الطائفية والاقتتال الأهلي وأعاده الى الوطن ليكون دعامة للسلم الأهلي.
و»انتخبوه« لأنه التزم بحماية المواطنين وهم يمارسون حقوقهم السياسية، فلم يتدخل ولم يسمح بتدخل العسكريين خاصة لا في الانتخابات النيابية ولا في الانتخابات البلدية،
كذلك فلقد كان حريصا على الابتعاد عن دور أداة القمع وهي المهمة التي حاولوا تكليفه بها غير مرة، سواء ضد النقابات أو ضد التجمعات والمسيرات الجماهيرية التي ترفع مطالب العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص في الشارع.
وبالتأكيد فإن بين المرشحين لرئاسة الجمهورية، من جان عبيد الى نسيب لحود إلى فارس بويز إلى ميشال إده الى بطرس حرب والآخرين، من تتوفر فيه مثل مزايا إميل لحود، خلقاً ومنهجاً، لكن الظروف الدقيقة بل الحرجة التي يمر بها لبنان والمنطقة قد أعطته الأرجحية عليهم، ليس فقط بسبب موقعه على رأس الجيش بل بسبب نجاحه »السياسي« في هذا الموقع، ودائماً بمعنى تثبيت الدور الوطني للمؤسسة العسكرية.
ان اميل لحود الذي سيتسنم بعد ايام رئاسة الجمهورية هو الذي اكد ايمانه بالدولة، دستورها ومؤسساتها وقوانينها، وبحقوق »الاهالي« في المطالبة بحقوقهم وفي التعبير عن آرائهم بحرية.
ان النزاهة ونظافة الكف والخلق الكريم صفات طيبة، كذلك الانضباط والحزم واحترام التراتبيات الخ،
لكن هذه العوامل لم تكن وحدها في ضمير المواطن وهو يسمي اميل لحود رئيساً، بل ان مطلب »التغيير« كان الاساس في هذا التوجه.
ومع وعي اللبنانيين بأن رئيس الجمهورية لا يستطيع وحده، ان يجترح المعجزات، الا انهم يعرفون ان الرئيس القدوة، الذي لا يطلب لنفسه المغانم والمكاسب، والذي يلتزم بجوهر النظام الديموقراطي ويمكِّن اصحاب الكفاءة من الوصول الى حيث يستحقون، بدل الإمّعات و»الزلم« من المرتشين ومزوري الشهادت والفاسدين المفسدين، سيؤسس لادارة عصرية كفوءة ونظيفة تليق ببلد العلم والنور، وسيشيع مناخاً من النظافة يفضح الخطأ والزيف وتفصيل القوانين على مقاس اصحاب النفوذ والمصالح.
اهلا بإميل لحود »المدني« ابن النظام الديموقراطي وقد تحول الآن الى موقع حامي اسباب السلامة لهذا النظام، بقدر ما هو من موقعه الجديد ضمانة اضافية للبنان الوطن الواضح في انتمائه القومي وضوحه في حرصه على أن يكون وطن الحريات والعدالة والتقدم.
.. وليست مصادفة ان يكون »القرار« بتسميته قد اتخذ عشية الذكرى الخامسة والعشرين لحرب تشرين.
بحث
Subscribe to Updates
Get the latest creative news from FooBar about art, design and business.
المقالات ذات الصلة
© 2024 جميع الحقوق محفوظة – طلال سلمان