انتبه، فكل كلمة محسوبة عليك، وقد تستخدم ضدك في المحكمة أو خارجها، وإلا فما نفع أجهزة التنصت؟!
قد تقرر مستقبلك همسة أو نحنحة أو حركة ، والصمت سمة العقل والحكمة، فانتبه!
وأمس، عدنا من المحكمة التي قدمتنا إليها الحكومة لأننا استخدمنا حقنا الطبيعي في القول وفي تعريف الناس بما نعرف، فإذا بوزير الأعلام مقموع وممنوع من الكلام!!! وإذ سائر الوزراء مفروض عليهم الخرس، وإذا المقررات والمداولات والمعاركات والمساومات والصفقات التي تتم قبل أو خلال جلسات مجلس الوزراء محظور نشرها تحت طائلة العقاب!
هس!! وتذكر أن لسانك حصانك إن خنته خانك، وإن الكلام من فضة والصمت من ذهب، والذهب متاح لمن يبلع لسانه وذاكرته!
صه!! “فالسوليدير” أهم من قمة الأسد – كلينتون في جنيف، على حد تقدير السفير الأميركي الجديد في لبنان، الذي قصد رئيس الحكومة أمس ليهنئه بالإنجاز الذي يفوق التصور الذي حققه في هذا البلد الفقيرة دولته بما اغتنى به أثرياؤه القدامى والمحدثون!
وصحيح أن السفير مارك هامبلي “جديد” بالمعنى الرسمي، لكنه قديم بالمعنى العملي، و”عتيق” بكل المعاني، ثم إنه يعرف متى وكيف وأين يتكلم، وكلامه لا يخضع لا للرقابة ولا للمحاسبة ولا خاصة للتعتيم… الرسمي!!
لا اعتراف بالرأي العام إذا ما هو جنح إلى خطيئة النقد والاعتراض والمعارضة.
سوليدير للوسط التجاري، سوليدير للرأي العام، سوليدير للأعلام المكتوب وسوليدير أخرى للأعلام المرئي والمسموع، سوليدير للبث الفضائي، وسوليدير أيضاً للصمت والصامتين!
فمن يشكو من الصمت والخرس؟!
الشكوى من تعاظم الضجيج!
أمس عدنا من المحكمة لنستعد لحكمها بعد شعر، لأننا نشرنا ما كنا وما زلنا نعتبر نشره واجباً وطنياً وقومياً، إذ هو يفضح بعض مناورات العدو الإسرائيلي وحيله الخبيثة وكمائنه المدروسة لشق صفوفنا داخلياً، ولضرب علاقتنا بالشقيق الذي يحي ظهرنا.
وسنعود إلى المحكمة واثقين بسلامة موقفنا بدليل أن لبنان كله قد تضامن معنا، إلا ذلك الذي عطل “السفير” وأراد تأديبنا مستخدماً إضافة إلى “رأيه العام” الخصوصي التعسف في استخدام القانون، من موقع السلطان الجائر،
وسنعود إليها متأكيدن من أننا نحاسب على مواقفنا السياسية، من هذا السلطان كما من سائر السلاطين وملوك الذهب الأسود والصمت الأبيض،
وإنها لمفارقة: أن يفرض الصمت على الشعب “الثرثار”، والذي يصر على أن يقول رأيه في كل أمر، والذي تعود أن يمارس حقه في التعبير في كل زمان ومكان، بينما تصخب أجهزة الأعلام المرئية والمسموعة والمقروءة على امتداد الدنيا، فتكشف أدق الأسرار عن سياسات الدول العظمى والكبرى والمتوسطة، وتفضح خبايا الرؤساء الكبار والملوك المبجلين والأميرات الحسناوات والوزراء الشاذين… بالصوت والصورة، وبالألوان أيضاً!
هل سمعتم مرة رئيس الولايات المتحدة الأميركية، أو رئيس فرنسا، أو رئيس حكومة بريطانيا يتوعد معارضيه بالويل والثبور ويهددهم بجبروته الذهبي، معلناً أن البحث بمصير الحكومة “طويل على رقبتهم”، وأن التعرض للشرطة العقارية أمر يمس كرامة الطائفة، وإن منعه من تعيين بعض موظفيه الذين لم ينالوا نصيباً في الوزارة سفراء هو تطاول يمس بكرامة الدين الحنيف؟!
برافو للنجاح!
لقد نجحت الحملة فجمعت “سوليدير” أكثر من تسعمائة مليون دولار، ثلثاها من اللبنانيين، ومعظمهم من العاملين في الجزيرة العربية والخليج،
مبروك، لقد سقطت الحكومة ونجحت الشركة العقارية!
والشركة العقارية أهم من الحكومة، وإن كانت السلطة ضرورية لتمرير المشروع،
وقد ينسى الناس، غداً، أن هذا المشروع قد شق طريقه إلى النور بالدولار، وإن ما من جهة رسمية وافقت على تمريره إلا بالثمن،
لكنهم سيطلون يرددون لاسيما في بيروت، أرقاماً وأسماء، وهم كانوا يحسبون الأسماء أكبر من الأرقام فإذا هي أصغر بما لا يقاس… كذلك فقد كانوا يحسبون أن ما دفع “كثير جداً” فإذا هو تافه جداً بالمقارنة مع ما تم جنيه حتى الآن، وما يمكن أن يجنى غداً من هذا المشروع “الذي يفوق التصور”،
وفي مناقشة لم يمر عليها الزمن مع رائد السوليديرية كان تقديره أن زيادة عامل الاستثمار وحدها يمكن أن تعطي أرباحاً تصل إلى ثلاثة مليارات دولار، وإن هذا “ربح على الربح”، وأن ذلك طبيعي “لأنها شركة عقارية وليست جمعية خيرية”.
برافو للنجاح!
مبروك، لقد تبددت الدولة هباء وقامت الشركة معافاة وقوية مؤكدة سلامة “الديموقراطية الاقتصادية” في لبنان!
وليخرس الوزراء والرأي العام “المضاد”، والصحافة الطامحة إلى تعديل المرسوم 104 على استحياء،
ما نفع الكلام؟!
المهم العمل!
وها هي الشركة تقدم نفسها بديلاً ناجحاً في حكومة فاشلة،
ومبروك للبنان دولة سوليدير كبديل من الجمهورية الثانية التي بالكاد ولدت وبالكاد تعرف إليها هذا الشعب العنيد!
بحث
Subscribe to Updates
Get the latest creative news from FooBar about art, design and business.
المقالات ذات الصلة
© 2024 جميع الحقوق محفوظة – طلال سلمان