لا يا معمر!
لا، كائنة ما كانت الأعذار والتبريرات، الأحقاد والنكايات، وكائنة ما كانت أخطاء أخوانك العرب تجاه بلادك المحاصرة وتجاه وضعك المهدد من طرف أقوى قوى الإرهاب الدولي المموه بالشرعية الدولية!
ما هكذا يكون “الانتقام” من إخوان خذلوك،
ولا هكذا يكون “فضح” الأنظمة المتخاذلة والتي احترفت إذلال “رعاياها” و”رعايا” الدول الأخرى الخارجة على وصايتها.
فالقدس تنتظر مع المسجد الأقصى “المحررين” لا “الحجاج” ولا الذين يجيئونها بتأشيرة إسرائيلية من أجل الصلاة حيث صلى عمر!
ليس القدس الشريف بديلاً من مكة المكرمة، وإن كان في الطريق إليها،
ولا يخدم “تحرير” مكة أن نعترف بمغتصب فلسطين وعاصمتها القدس،
تماماً كما أن الذهاب إلى مكة من أجل الصلاة في مسجدها الحرام، ليس إلا، لا يخدم قضية تحرير فلسطين وقدسها الشريف.
لا يا معمر!
ليس مسموحاً كل هذا التوغل في الخطيئة، لا تحت عنوان النكاية ولا خاصة تحت عنوان فتح الباب الأميركي الموصد والالتفاف عليه من باب الخدمة.. الإسرائيلي!
فالدخول من الباب الإسرائيلي لا يوفر السلامة، كما أنه لا يفضي إلى “السلام”، وهذه تجربة السادات ما تزال طرية في الأذهان، أما تجربة “المفاوض الفلسطيني” فأعظم مرارة وخيبة من أن تنفع عنواناً لعصر السلام العربي – الإسرائيلي!
ولعلك قد أخطأت في حق أمتك مرتين: مرة بأن خرجت على إرادتها، وقد كنت بين من تعقد عليهم بعض آمالها، ثم بأنك بررت انحرافات أنظمة عديدة أخرى، وفي الطليعة منها ذلك النظام الذي يدفع الآخرين إلى الخطيئة، ويزينها لهم، ولا يتقدم إلا في أعقابهم جميعاً وبعدما يطمئن إلى أن أحداً لن يصمه بالدمغة القاتلة،
ومجرد وجود السمسار السعودي عدنان خاشقجي في هذه “السفقة” كان يجب أن يكون جرس إنذار لك بعدم التورط، لأن تورطك يعطي شهادة حسن سلوك لذلك النظام تسمح له في ما بعد بتبرير انحرافاته جميعاً بأخطاء القوميين والوحدويين وخطاياهم المميتة.
لا، يا معمر!
لست السادات، بل كنت نقيضه، وكان ذلك بعض مصادر شرفك،
ولقد كنت مسؤولاً عن راية مجيدة، وما كان مأمولاً بأي حال أن تتسبب في تنكيسها،
ولن يقبل الناس منك أي تبرير وأنت “الأمين على القومية العربية” و”على الوحدة العربية”، بل إنك ستجلب اللعنة على جمال عبد الناصر الذي منحك ذلك الشرف، وعلى الدعوة القومية وقضيتها الوحدة التي جعلتك – وعلى امتداد سنوات – أحد ابطالها، وكبرتك بأكثر مما يسمح حجم بلادك التي كانت قبل ثورتك الوحدوية نسياً منسياً لا يعرف الناس منها إلا بعض رموز البطولة العربية كعمر المختار!
لا، يا معمر!
لا وأنت بطل ثورة الفاتح، وكلمة السر فيها “القدس”،
لست من يجيء القدس متسللاً حتى لو عجزت عن أن تأتيها فاتحاً،
وغير مقبول منك، ولاي سبب، أن تأتيها فقط لتحظى بنعمة الرضا الأميركي، فهذا عذر أقبح من ذنب،
وإذا تم قبولك في واشنطن لأنك آت بتزكية من إسرائيل فما حاجة العرب، بمن فيهم شعب ليبيا المقاتل حتى كاد ينقرض من أجل استنقاذ عروبته، إليك؟!
لقد قبلك العرب ثائراً وداعية تغيير ورائداً للعمل الوحدوي،
وها أنت تنزل نفسك إلى ما دون الحكام الآخرين، فتخسر الآخرة من دون أن تربح الدنيا،
لا، يا معمر!
لست لها، وليست لك، والتراجع الفوري مطلوب ولو من أجل تحديد الخسائر!
وسلام على من أتبع الهدى.
بحث
Subscribe to Updates
Get the latest creative news from FooBar about art, design and business.
المقالات ذات الصلة
© 2024 جميع الحقوق محفوظة – طلال سلمان