بهدوء، كعادته، وفي ظل ابتسامة تشرق بها عيناه وملامح وجهه الذي ينضح عرقاً، رحل سهيل عبود وحيداً في موطنه الثاني، الكويت.
وحيداً كان في بيته يرف من حوله طيف الحبيبة التي عاش يحلم بأن تشاركه العمر الذي صرفه بالتعب من أجل المعرفة والمزيد من المعرفة، حتى لا يكون نقص في ما يكتبه أو يخطط لأن يجعله سلسلة من الكتب التي تؤرخ للقبائل والأقوام التي ابتنت دولاً في الخليج العربي، وأولها الكويت.
لقد خسرنا زميلاً صاحب موقف لم يتخل عنه يوماً، حتى وهو يعمل في صحف يختلف معها وتختلف معه.
وخسرنا إنساناً نبيلاً يفرض عليك صداقته ووده، ويرشدك إلى الصح في دنيا مهنة كثيراً ما تحكم أصحاب المال في جعلها لا تنحاز الى الذين لا يملكون غير مبادئهم ومواقفهم الشجاعة.
لقد عشنا مع سهيل عبود قصة حبه الفريدة في بابها، والتي رفض أن يفرض فيها الخاتمة السعيدة إلى أن يقتنع به «الأهل» الذين كانوا يرونه «غريباً» و»مختلفاً». رفض أن ينافقهم، وأصر على أن يجعلهم يتفهمون، وصبر صبراً عظيماً حتى لا يقع في الخطأ فيحرج من ستكون رفيقة العمر مع أهلها، أو يجعلها تقدم على ما قد تندم عليه.
كان مرجع الحقيقة والخبر الدقيق والتحليل الصحيح، لزملائه جميعاً في لبنان كما في الكويت حيث أعطى نصف عمره، تقريباً لجريدة «القبس»… ومع صداقته الحميمة لمحمد جاسم الصقر، فقد «خجل» أن يتركها ليرافقه إلى «الجريدة» التي أنشأها.
لقد خسرت الصحافة اللبنانية مهنياً ممتازاً، ودارساً متعمقاً في الشؤون التي يراها جديرة بالاهتمام وقد أهملت لأنها ذات شجون…
وخسرنا صديقاً وزميلاً متميزاً في خلقه كما في جهده وإخلاصه للحقيقة.
ولسنا نملك، في وداع هذا الفارس الذي ترجل وحيداً، بينما كنا نستعد للقائه السنوي في صيف عطلته، إلا أن نقول: إنا لله وإنا إليه راجعون.
بحث
Subscribe to Updates
Get the latest creative news from FooBar about art, design and business.
المقالات ذات الصلة
© 2024 جميع الحقوق محفوظة – طلال سلمان