أيها العدو الكارِه للإنسان وللحياة
دمِّر حياتنا ومنازلنا وكل ما نملك
وثقافتنا وقدراتنا ومجهود شبابنا ونجاحات أهلنا،
فلم يعد بإمكاننا صونها وحمايتها لنحفظها لأبنائنا وبناتنا من بعدنا.
ماذا تبقى لنا كي نخسره،
لتهددنا بالأسوأ أو بخسارة أكبر.
دولة الطوائف أنجزت المهمة نيابة عنك
وسلبت الناس حقهم في حياة كريمة تليق بهم،
وهي أدهى منك فاستبقت حربك ودمرت كل شيء
قبل أن تأتينا أنت بكرهك وإجرامك فلم تترك لك ما تدمره سوى إسقاط المجازر من الجو ونشر الموت السريع.
اقصف ودمِّر البنى التحتية في مُدننا وبلداتنا وقرانا الغارقة في العتم والعطش والنفايات والسموم،
فهي تحتية فعلاً ولا تعمل وتحتاج أصلا إلى إعادة بناء،
لنمنح ميليشيات الطوائف في دولتنا فرصة جديدة لتمويل ديمومتها
من خلال صفقات فلكية لإعادة الإعمار الأزلي، وعلى حسابنا طبعاً ودائماً.
ومدِّد الحرب لتدمِّر اقتصادنا المختل،
اضربه وحاصرنا من البحر والبر والجو،
ولكنك لن تتفوق على سياسات الإجهاز عليه التي نعمنا بها خلال السنوات الأخيرة من قبل الحكومات المستقيلة وسابقاتها المولودة قيصرياً.
أما الليرة اللبنانية (عملتنا الوطنية قبل الدولار الأميركي لمن نسي ذلك) فلم تعد بألف خير ولم يعد لها وجود يذكر.
وكذلك دمِّر قطاعنا الصحي ومستشفياته وطواقمه الطبية المنهكة بعد سنوات من إهمال المسؤولين عنها واستغلالهم لها ولأوجاع الناس،
فلن تتمكن من تعطيل ضماننا الصحي أو الاجتماعي المعطل أصلاً من قبل عديمي الضمير والمسؤولية.
واهدِم مدارسنا وجامعاتنا فلم يبقى منها سوى البناء والحجر بعد أن نزفت سنة تلو الأخرى معظم باحثيها وأساتذتها وطلابها.
وبعد ذلك دمِّر جيشنا الذي نعلق عليه آمالنا في صون أمن الوطن،
ونريد تعويمه بحماسة اليوم ليمنحنا الحماية،
بعد عقود متتالية من تهميشه وإهماله واسترهانه في الداخل وفي الخارج.
فسيكون من الأجدى لنا إعادة بنائه بعد أن سبقك على تدميره وتعطيل دوره أهل الطوائف في السلطة.
واقدِم ودمِّر الآثار التاريخية في مدينتي بعلبك وصور وغيرهما من مدن بلادنا،
فقد فعلها من قبلك المغول والتتار والصليبيون وغيرهم،
وامحِ آثار التاريخ من منطقتنا لتعيد كتابة تاريخها في “شرقكم الأوسط الجديد”.
أو يمكنك أن تترك لنا الآثار التي نغضب عند التعرض لها ونهبّ لحمايتها
لنمعن نحن في إهمالها كما كنا نفعل على امتداد عقود ثم نتركها للنسيان.
إن تحمّل مسؤولية التاريخ واجب يُثقل كاهلنا ولا طاقة لنا عليه.
ومن منطلق صون وحدة البلاد الممزقة، ولُحمة عبادها المتناثرين فيها، ووأد الفتنة،
فإن هذا الكلام التحريضي غير مقبول قبل أن تنتهي الحرب التي يخوضها عدونا الغاشم ضدنا.
لكن وفي الوقت نفسه، وفي خضمّ الحرب والدم مازال يسيل على وجوهنا،
لا يتوقف الكلام عن تقاسم الحصص في السلطة وإعادة توزيعها، وعن تصفية حساب الخصومات بين الطوائف ومن هو الغالب ومن هو المغلوب.
فيا أهلنا ليس لديكم سوى أنفسكم تتَصبّرون بها،
ولكم نصرة أبطالنا البواسل في الميدان
لتعزيكم بفقدان حياتكم وحياة أغلى من تحبون وكل ما يعينكم الدفاع عنه.
وسيأتي من بعدها من يفرِّط بتضحياتكم وبمعاناتكم وبصبركم ليبيع ويشتري،
تماماً كما فعلوا بنا منذ قدم التاريخ، ربما قبل أو أثناء إنشاء قلعة بعلبك ومدينة صور.