قطاع غزة ـ حلمي موسى
بعد فشل الضغوط الحربية الاسرائيلية لاجبار حزب الله على قبول اشتراطات وقف النار، عادت الحكومة الإسرائيلية إلى التصعيد من خلال الإعلان عن اطلاق المرحلة الثانية من العمليات البرية. وكأن محاولة السيطرة على خط القرى المواجهة للحدود كانت غاية الحرب الأولى فيجرى الحديث عن محاولة السيطرة على خط القرى الثاني. واذا كان الحديث عن الخط الاول يتحدث عن مسافة لا تزيد عن ٢ الى ٣ كيلومتر عن الحدود فإنه الخط الثاني يتحدث عن مسافة ٣ الى ٥ كيلومتر.
وواقع ما جرى مع الخط الاول اظهر ان اسلوب الضغط تركز على قصف مدفعي وجوي هائل مع تقدم قوات مدرعة وراجلة الى نقاط معينة في هذه القرى وتدميرها والعودة السريعة للاراضي ألمغتصبة. وبديهي أن ما يشاع الآن عن توسيع الضغط لخط القرى الثاني يعني اطالة خطوط الحركة والامداد. واذا كان العدو فشل في السيطرة او الاستقرار في خط القرى الاقرب، فمن المؤكد أنه سيفشل أكثر في خط القرى الثاني.
ويبدو أن حكومة نتنياهو التي ورطت نفسها في حرب لبنان الثالثة لا تجد سبيلا أمامها للتراجع فتضطر مرغمة للهرب نحو الأمام. فمستوطنو الشمال الذين جرى التلويح لهم بعودة قريبة وآمنة وجدوا انفسهم أمام وعود كاذبة. والاهم أن اضعاف اضعافهم صاروا يعيشون جحيما حيث يصل خط التهجير الى حيفا وصفد.
ونشوة الانتصار التي نجمت عن نجاحات اسرائيلية اولية في الحرب ضد حزب الله، خصوصا تفجيرات البايجر واغتيال القادة الشهداء وعلى رأسهم الشهيد السيد حسن نصر الله، سرعان ما تحولت الى كابوس. تكفي قراءة صرخات سكان الشمال بعد استهداف هكريوت ونهاريا بكثافة في الايام الاخيرة لمعرفة اين ذهبت نشوة الانتصار.
كما أن تعافي حزب الله السريع وعودته الى أن يكون ندا اذهلت الاعداء. ولقد دفع هذا التعافي المذهل الإسرائيليين والامريكيين للحديث المتكرر عن قرب التوصل الى اتفاقات لوقف النار، الا أن ذلك لم يمنع استمرار التصريحات العنجهية عن فرض شروط. ولقد اعتبر الإسرائيليون أن فوز دونالد ترامب بالرئاسة الأميركية سيسهل تحقيق اهداف الحرب وما بعدها. غير أن استمرار المقاومة وتصاعدها في لبنان وغزة، وباسناد شجاع من اليمن والعراق، يخلق واقعا جديدا قابلا للتوسع. وهذا ما يربك ليس فقط الإسرائيليون وإنما الادارة الامريكية الجديدة التي سرعان ما ستكتشف أن ما كان قبل طوفان الاقصى ليس كما ما كان قبله.