طريف هو المشهد الذي يستمر عرضه لليوم السابع على التوالي في واشنطن تحت عنوان ترجمة »التفاهم« إلى لجنة مراقبة لوقف اطلاق النار بين إسرائيل العظمى والمقاومة الباسلة في جنوبي لبنان.
لم يحلم صانع »الكاتيوشا« بمثل هذه الشهرة والاهتمام العالمي ينالهما صاروخه التكتيكي المحدود المدى والفعالية، قياسù الى ترسانة السلاح المتطور، سوفياتيù كان أم غربيù أم مهجَّنا في بعض كبريات دول العالم الثالث (كالهند والبرازيل).
ولا يستطيع أي عاقل قبول مفارقة بسيطة، وربما تافهة، يمكن تلخيصها بالآتي:
تملك إسرائيل، في ما يقال، اكثر من مئتي رأس نووي، تكفي لشطب نصف العالم من الوجود،
ترفض إسرائيل التوقيع على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية،
لا يعترض العالم على هذا »التمرد« الإسرائيلي، ويترك لهذه الدولة التي قامت بالحرب وتمددت بالحرب واستقدمت إليها نصف يهود العالم تقريبù بالحرب ومن أجل مزيد من الحروب،
ترفض إسرائيل التفتيش على مفاعلها النووي في ديمونا،
يخنع العالم المتمدن أمام هذا العصيان الإسرائيلي، ولا يتورع الرئيس الأميركي عن تبرير احتياج إسرائيل إلى القوة التدميرية الشاملة كشرط لتحقيق السلام!
أما حين يتعلق الأمر بصاروخ بحجم قذيفة مدفعية ثقيلة فإن الادارة الأميركية تستنفر طاقاتها، تحذر وتنذر وتهدد، ثم توفد وزيرها الخطير ليمضي اسبوعù في مفاوضات معقدة وشاقة من أجل »حظر« الكاتيوشا، وبعد ذلك تفرّغ كبار موظفي الخارجية فيها للمماحكة في تشكيل لجنة فخمة الهيكلية لضمان تحصين إسرائيل ومنع استخدام الكاتيوشا ضدها، ثم تصر على ترؤس هذه اللجنة وتمنع فرنسا من الوصول إليها، ليكون لجنرالها العتيد شرف القيام بحراسة إسرائيل من الكاتيوشا اللعينة!
ليس للمحتلة أرضه حق المقاومة ولو بأضعف الإيمان،
أما المحتل أراضي الآخرين فله السلاح النووي والدعم الأميركي المطلق بالمال والسلاح والسياسة والرجال، إذا ما احتاجت الى الطواقم المدربة.
ان الولايات المتحدة الأميركية تتماهى أكثر فأكثر مع إسرائيل فتكاد تضيع الحدود، وتكاد تدخل هي بذاتها الحرب ضد كل من يحاول رفع السلاح، بل الصوت، ضد الاحتلال.
بل ان الولايات المتحدة ترتكب فعلاً فاضحù أكثر من الاحتلال: انها تحمي، بقوتها، الاحتلال،
انها الآن طرف مباشر في هذه الحرب ضد لبنان (والعرب) وليس فقط ضد المقاومة فيه.
كل ذلك بذريعة تأمين الفوز لشمعون بيريز على بطل الحرب والشر عدو السلام بنيامين نتنياهو.
والسؤال: هل يستطيع شمعون بيريز، الفائز بزعامة إسرائيل غدù، ان يخرج الأميركيين من الحروب التي افتعلوها ضد »أصدقائهم« العرب؟!
لكأننا مهددون بمفارقة طريفة ثانية:
شمعون بيريز يذهب مزهوù بنجاحه إلى السلام، بينما بيل كلينتون يرتدي بزة الحرب التي رفضها حين كان جيش بلاده يقاتل ضد شعب فيتنام…
أإلى هذا الحد تكرهنا يا مستر كلينتون؟!
بحث
Subscribe to Updates
Get the latest creative news from FooBar about art, design and business.
المقالات ذات الصلة
© 2024 جميع الحقوق محفوظة – طلال سلمان