من زمان كان للناس جميعاً، كموطنين، أعيادهم: عيد الاستقلال، عيد المعلم، عيد العمال، عيد الأم، عيد الشهداء الذي تبدل موقعه فصار في الخامس والعشرين من أيار ولكنه لم يعد عيداً رسمياً أي أنه لم يعد يوم عطلة..
وكان الأول من أيار عيداً للعمال، على مستوى العالم، وكان له من يحتفل به في لبنان، خارج سرايات الحكم والاحتفالات الرسمية.
ذلك أنه كان في لبنان مصانع للغزل والنسيج والسكر وتطويع الحديد، فضلاً عن مصانع الأدوية والألعاب النارية الخ..
كان في لبنان طبقة عاملة فعلاً تضم آلافاً مؤلفة من العاملين في مصانع توليد الطاقات الكهربائية والنقل المشترك (الترامواي، رحمة الله عليه الذي يشكل خط تواصل مفتوح بين اللبنانيين، لا يتوقف عند حدود “الغربية” فلا يكمل سيره الى “الشرقية” بل هو يمتد بامتداد حبال القربى والود والمصالح في ما بينهم، مؤكداً “وحدة حالهم”..)
وكان للطبقة العاملة نقاباتها المهمة، وللنقابات اتحاد وازن يلعب دوراً مؤثراً في الحياة العامة، إذا دعا لإضراب عام لبى النداء العمال المشدودين بالمصلحة المشركة، واذا ما دعا الى التظاهر خرج الآلاف الى الشارع موحدي الهتاف والشعارات والمطالب.
اليوم يمر عيد العمال ولا عمال ولا بهجة عيد.. إلا بعطلته الرسمية! اندثرت الطبقة العاملة أو تكاد بعدما أغلقت المصانع وتشرد عمالها.. وضربت الطائفية النقابات فانقسمت عمودياً وأفقياً وتزايدت أعدادها ـ بحسب الطوائف والمذاهب ـ ففقدت دورها الحيوي وتأثيرها في المجتمع وفي العمل السياسي.
لم يبق من العيد إلا رمزيته، وإلا يوم الإجازة التي يرتاح فيه “الأجراء” من عبء البطالة المقنعة ـ والشوق الى الشارع، الذي كان يوحد أصحاب المطالب المحقة في وجه الطبقة المستغلة.
الأطرف أن “العنطوز اللبناني” بات يخجل من وصفه بأنه “عامل”، ويعتبر التوصيف شتيمة أو محاولة للنيل من مكانته.. وكأنه “سوري” مثلاً، والعياذ بالله!