• الرئيسة
  • الافتتاحية
  • مع الشروق
  • من أقوال نسمة
  • السفير العربي
  • هوامش
  • ضيوف الموقع
على الطريق :: طلال سلمان
على الطريق :: طلال سلمان
  • الرئيسة
  • الافتتاحية
  • مع الشروق
  • من أقوال نسمة
  • السفير العربي
  • هوامش
  • ضيوف الموقع
ضيوف الموقع

لم تأتِ هذا العام

هنادي سلمان
ضيوف الموقع
Posted on أغسطس 9, 2018أغسطس 9, 2020

Share

نشرت في “السفير” في 3 كانون الأول 2008 ونعيد نشرها اليوم في ذكرى وفاته.

لم أتذكرك كثيرا هناك. لم أشعر أن المكان خاو، لم أفتقدك.

لم يملأ الفراغ الذي خلفته شيء.

أنت لم تكن تأتي كل عام أصلا. كنت تختفي كثيرا، طويلا، ثم تعود كلماتك لتدوي فجأة في ما نحياه.

كنت أحب غيابك، وأتمنى سراً أن يطول علّ كلماتك، عندما تعود، تكون أكثر.

غِب وغُبّ مما حولنا ما تشاء ثم أنثره في وجوهنا شعراً. أعد تذكيرنا بلون عيوننا، واكشف ما نجيد دفنه بين طيات القلب.

لم يطل غيابك بعد. وأنت دوماً تتريث في الحضور.

موعد معرض الكتاب مقرر سلفاً في تشرين من كل عام. أنت تحب الخريف. وأنت تحب بيروت. لم تأت هذا العام. حسناً. مجرد خيبة صغيرة أخرى تضاف إلى خيباتنا اليومية.

ثم أنك في العام الماضي أطلت البقاء. قرأتَ من شعرك، ووقعت كتبك، وجلست في أيام أخرى في جناح الريس تدردش مع أصدقاء ومارة. لا يليق بمن هو مثلك أن يطيل البقاء. أن تقف هكذا بين الناس فيعتادون وجودك.

ثم أنه لم يعد هناك من يقرأ. ربما يتفوق كتاب الطبخ على مجموع كتبك في المبيع هذا العام. ألم تمض الأعوام الأخيرة تنافس كتاب طبخ؟ كان ذلك قبل أن تبدأ كتب الأديان في منافستك أنت والطبخ معاً. لم يعد لك مكان هنا.

***

جلستُ أرضاً أنظر اليك توقع كتبك. هل كنت، في تلك المرة، تعرف أنك لن تعود؟ ألذلك أطلت البقاء قليلا؟ أتحسسك بن الفينة والأخرى كأني اريد التثبت من وجودك. “انتِ، امشِ من هنا، هيا”، تقول لي ممازحا ثم تستعيد وجهك “الجدي” كلما اقترب قارئ بيده كتاب يريدك أن توقعه. كنت تجلس بظهرك المستقيم فتبدو أطول من كل المارين من حولك. العابرون يلمحونك فجأة فتلمع عيونهم وينحنون نحو مرافقيهم ويهمسون: “هذا محمود درويش”.

نجم وحيد بين كتب مستهلكة في معرض مترهل، في مدينة منهكة، في بلاد تضيق يوماً بعد يوم. نقطة نور تستقطب الأنظار والقلوب، تجلس بظهرك المستقيم وعيناك تريان كل شيء من دون أن تنظرا لشيء محدد. يأتيك “مثقفو” لبنان المنفتحون جديداً على وجع فلسطين، يقفون من حولك بوضعية “الأصدقاء” الذين لا يواجهون منافسة. يدردشون في ما بينهم، ولا ينظرون الى من حولهم. يلفتون الأنظار بملابسهم الباهظة وحليهم وعطورهم. من حولهم يلتف أحياناً أبناء المخيم.

هؤلاء كانوا يأتون مرتدين أفضل ملابسهم، ويبدون مع ذلك غرباء وسط حشود الدار. “دار الريس” عند مدخل المعرض. يدخل أبناء المخيم ويرون وجهك، فتضاء وجوههم. أينك تصف الفخر والحياء اللذين كانوا يحاولون إخفاءهما وهم يتقدمون نحوك؟

لم يكن معظمهم يحتاج لشراء كتبك. كانوا يحفظون أشعارك عن ظهر قلب ما إن تصدر من هناك، من رام الله أو من عمان.

لمن يأتون اليوم في المعرض؟ أينك تكتبهم، لمن تتركهم؟ لم تأت هذا العام. مجرد خيبة صغيرة. أنت تختفي دوما، تعد كلماتك جيداً قبل ان تعود.

***

صورك تملأ المكان. عيناك لا تنظران إلى أحد. ها أنت شاب هنا، وناضج هنا. تلقي أشعارك، تحرك يديك. رقم بطاقتك خمسون ألفاً؟

كنت جالساً هناك، وأنا أسألك: “أي كتاب أشتري كي توقعه لابنتي؟ من بين كتبك كلها، ما هو الكتاب الذي تفضل أن توقعه لابنة الرابعة حتى تقرأه عندما تكبر؟”. تنظر إلي وتسأل: “أي كتاب؟ لماذا تركت الحصان وحيداً، طبعاً”.

لماذا طلبت منك أن توقع كتباً لكنده؟ أنا لم أكن أشعر أنك لن تعود، في ذهني كان مجيئك هو بداية. بداية مرحلة عودتك دورياً إلى بيروت التي أُقصيت عنها دهراً. بداية استئناف حياة انقطعت وأنا طفلة. أردتك أن توقع كتاب كنده كي تصبح المسألة برمتها خلفنا. كي لا يأتي يوم أندم لأنك لم توقع كتاباً لكنده.

لم تأت هذا العام. مجرد خيبة صغيرة. لم يعد هناك من يقرأ أصلاً.

بعد قليل، سيعود كلامك ليدوي من عاصمة ما. لا؟

بعد قليل تكبر كنده، وتقرأ شعرك، وتعيد قراءته، ثم تهدي نسختها الموقعة بخط يدك لابنتها وتقول لها: “بين هذه الكلمات، ستجدين نفسك”.

مشاركة

Facebook
fb-share-icon
Twitter
Tweet
Pinterest
WhatsApp
لم تأتِ هذا العام

previously

السفير 9 آب 2006
لم تأتِ هذا العام

up next

في ذكرى الذي لا يغيب: محمود درويش

ما رأيك؟ إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا تعليقات حتى الان

بحث

النشرة البريدية




أحدث المقالات

  • ايها اللبناني: لست انسانا بعد
  • ضرورة الحرب من أجل السلام
  • من يستطيع نزع سلاح المقاومة وقولوا لنا كيف؟
  • داخل الفرن!
  • الإرهاب الامبراطوري غذائي وأمني وثقافي

الأرشيف

  • يوليو 2022 (2)
  • يونيو 2022 (13)
  • مايو 2022 (15)
  • أبريل 2022 (21)
  • مارس 2022 (14)
  • فبراير 2022 (15)
  • يناير 2022 (21)
  • ديسمبر 2021 (20)
  • نوفمبر 2021 (1)
  • أكتوبر 2021 (22)
  • سبتمبر 2021 (26)
  • أغسطس 2021 (18)
  • يوليو 2021 (19)
  • يونيو 2021 (20)
  • مايو 2021 (18)
  • أبريل 2021 (21)
  • مارس 2021 (23)
  • فبراير 2021 (29)
  • يناير 2021 (35)
  • ديسمبر 2020 (28)
  • نوفمبر 2020 (38)
  • أكتوبر 2020 (33)
  • سبتمبر 2020 (43)
  • أغسطس 2020 (42)
  • يوليو 2020 (43)
  • يونيو 2020 (44)
  • مايو 2020 (73)
  • أبريل 2020 (82)
  • مارس 2020 (62)
  • فبراير 2020 (43)
  • يناير 2020 (49)
  • ديسمبر 2019 (57)
  • نوفمبر 2019 (61)
  • أكتوبر 2019 (88)
  • سبتمبر 2019 (60)
  • أغسطس 2019 (62)
  • يوليو 2019 (76)
  • يونيو 2019 (62)
  • مايو 2019 (54)
  • أبريل 2019 (48)
  • مارس 2019 (46)
  • فبراير 2019 (46)
  • يناير 2019 (50)
  • ديسمبر 2018 (47)
  • نوفمبر 2018 (53)
  • أكتوبر 2018 (49)
  • سبتمبر 2018 (37)
  • أغسطس 2018 (67)
  • يوليو 2018 (71)
  • يونيو 2018 (58)
  • مايو 2018 (55)
  • أبريل 2018 (51)
  • مارس 2018 (50)
  • فبراير 2018 (46)
  • يناير 2018 (50)
  • ديسمبر 2017 (49)
  • نوفمبر 2017 (48)
  • أكتوبر 2017 (61)
  • سبتمبر 2017 (52)
  • أغسطس 2017 (59)
  • يوليو 2017 (67)
  • يونيو 2017 (46)
  • مايو 2017 (54)
  • أبريل 2017 (60)
  • مارس 2017 (74)
  • فبراير 2017 (31)
  • يناير 2017 (8)
  • ديسمبر 2016 (6)
  • يوليو 2016 (1)

تغريدات

Tweets by talalsalman

© 2018 جميع الحقوق محفوظة - طلال سلمان