حيّ على الكفاح، حيّ على الكفاح، حيّ على الفلاح، حيّ على الفلاح، حيّ على النصر، حيّ على النصر، حيّ على خير العمل، حيّ على خير البشر، حيّ على الحرية والأحرار، والمحررين أرضهم بقوة ادلم وإرادة القتال باللحم الحيّ.
حيّ على زهر الليمون وعطر الشهادة، حيّ على مدينة معروف، ومصطفى معروف، وكنة معروف وحفيدة معروف.
حيّ على شرحبيل بن حسنة، وصيدا الباسلة في كنفه.
حيّ على نزيه قبرصلي وبلال فحص والشيخ راغب حرب وحسن قصير.. وعشرات النجوم التي ملأت أرض الجنوب عزة ومضاء، وملأت صدورنا بالمجد.
حيّ على الشيخ محرم العارفي ورفاقه الشامخي الرؤوس في معتقلاتهم، يخاف منهم جلادوهم ولا يخافون فيفرطوا.
حيّ على الشهداء من قضى منهم ومن ينتظر، حيّ على المجاهدين في صيدا والحارة والمخيم الثاكل والصرفند والغازية والزهراني والسكسكية وكل قرية ودسكرة ومزرعة اقتحمت التاريخ فأخرجت منه عروش المهزومين والمارقين والمنحرفين والمتنازلين عن أرضهم مقابل السلام المعزوم، كان ثمة سلاماً أو يجب أن يكون سلاماً إذا ما اغتصبت الأرض.
هيا افتح نوافذك للهواء الجنوبي المطهر. افتح النوافد والأبواب وتجويفة الصدر، ودع شذى زهر الليمون المضمخ بعطر نجيع الشهداء يغسلك فخلقك جديداً.
هيا اطلع من مستنقعك الآثم الذي حاصرك فحاصرك فيه الطائفيون والمذهبيون من إسرائيلي الداخل.
ثم فابحث عن ثياب العيد الذي ما عدت تعرف كيف يكون ومتى يكون وأنى يكون. انفخ صدرك واطرد منه جراثيم العسر الإسرائيلي، ارفع رأسك المثقل بهم اللقمة والنظام الفاسد والحكام المضاربين برزقك وسائر أسباب الحياة، افتح قلبك المغلق بصدأ الحزن الموروث: لقد وصلت صيدا! إنها بالباب تسأذنك أن تأخذك جنوباً لتشهد ما لا عين رأت ولا أذن سمعت.
ولقد حملت إليك هدية.. بعض السنيورة والجزرية والبسبوسة وخصلة من شعر ناتاشا.
ما أطول التاريخ إلى صيدا وما أصعبها وما أروعها. ما أعظم أن تلغي الاستحالة وتؤكد صدق ظن الله فيك. ألم يقل سبحانه “إن لله رجالاً إذا أرادوا أراد”؟!
مهلاً لا تتعجل ولا تتضجر من طول الطريق، بينك وبين صيدا وما بعدها جنوباً عصر. كل ليل الهزيمة كان يتمدد ويتمطى على تلك الطريق الأفعوانية التي تقوم حداً للبحر بحراسة الإقليم على امتداد الأربعين كيلومتراً، كل أشباح الزمن الأسود. كل علاماته، كل رموزه، كل أبناء الظلم والظلام والعمل الحرام كانت تترافق كتفاً إلى كتف لتشكل سداً بين الجنوب وبين فجر الزمن – الوطن الجديد، وكانت تمنعك عن الجنوب وتمنعه عنك، ألا تذكر أن أولئك جميعاً كانوا في الطابور المتقدم من طوابير الغزو الإسرائيلي، أنسيت أن أنور السادات كان هناك، وكل جماعة كامب ديفيد الظاهرين منهم والمستترين، وكل المخدرين بأوهام “التسوية” وكذلك المتجرين بهذاالمخدر، القاتل، وكل أصحاب سياسة الـ “لعم” المموهة ثيابتهم وشعاراتهم والأهداف… ثم الكتائب و”القوات اللبنانية” والحداديون. واللحدويون، ومعهم الطائفيون والمذهبيون والجبناء والهاربون إلى مقولات الردة والتخاذل عن “العين التي لا تقاوم المخرز” و”عبثية تصدي المتخلفين لأبناء التكنولوجيا الحديثة”، لكنك واصل إذا أتبعت العطر وأريح النجيع المزهر في بساتين الليمون.
وحين يلفك الحنين وتقتحمك رائحة الارض وتغمرك تلك الصبية بابتسامة حيية وقد لفت رأسها بعصبة مطرزة بالخرز، ستعرف إنك صرت بين أولئك البسطاء الذين صنعوا لنأ، للأمة كلها، هذا اليوم الأغر.
يا لبهاء النصر الأول. يطل مغتسلاً بندى الفجر وشذى العنبر وزهر النارنج ونجيح أولئك النفر الميامين الذين اقتحموا بأرواحهم سور الخوف والعجز وأسطورة “الجيش الذي لا يقهر”، فإذا بهم ينجزون ما عجزت عنه الجيوش المدججة بالأسلحة الثقيلة والمدججة صدور قياداتها بأوسمة الكارنفالات وحفلات الكوكتيل.
وإذا بنا نكتشف حقيقة كنا قد ضعنا عنها عشرات السنين، وهي أن الإسرائيلي لم يعرف الهزيمة لأن العربي لم يتعلم صناعة النصر ولا عرف الطريق إليه، وكان كلما قاربه أوهمه حكامه أسياد الحكمة والتعقل بأن القتال تورط وإن الدبلوماسية أجدى وإن سعاة الخير الآتين من واشنطن سيحلون “المشكلة” وكفى الله المؤمنين شر القتال.
لكن ذلك الإنسان الطيب البلا اسم حسم أمره ذات ساعة وانطلق تاركاً وراءه علامات الطريق إلى العيد: جنوباً در، جنوباً سر، وانتصر.
وها هو فجر يوم النصر يملأ الأفق بالضياء الجديد.
وها هو شرحبيل بن حسنة يقف لاستقبال أصحاب العيد في حشد من الناس، إنه لم يعد وحيداً هنا. لقد كثر رفاقه الصحافة من حوله.
فامض إلى حيث ينتظرك المجد، جنوباً إمعن، ثم جنوباً، فإلى جنوب الجنوب.
لا تخف الفتنة برغم تزايد دعاة الفتنة والعاملين لها، أنت بالنصر أقوى منها ومنهم.
لا تخف أخاك برغم أن إسرائيلي الخارج وإسرائيلي الداخل يحاولون عبثاً إقناعك بأن أخاك أخطر عليك من العدو الإسرائيلي وأن الاحتلال أقل شراً من انسحاب عدو أمتك وتاريخك ومستقبلك وأحلامك فيه وآمال أبنائك والأجنة الآتين.
لا تخف أخاك حتى وإن كان قد ضل الطريق فاخطأ.
اليوم هو الغد، أما الأمس فإلى عصر الهزيمة ينتمي، وعصر الهزيمة كان قاسياً ومضلاً ومذلاً. والخطيئة مغرية لضعاف النفوس.
المهم أن نحمي فجر النصر الآتي ببشارة التحرير.
والمهم أن نحمي طريق هذا النصر إلى بيروت وسائر العواصم، ليكون له معنى العيد الذي ولد عربياً في الجنوب وطرزته صيدا بعيونها ليرانا ونراه.
ولعينيك يا مصطفى سعد: سنحمي العيد وأهل العيد، بانتظار أن تستعيدك صيدا كما استعادتنا واستعدناها ومعها بعض الجنوب اليوم.
حيّ على الجنوب، حيّ على الكفاح، حيّ على الفلاح حيّ على النصر وها الكل على الطريق:
“راجعين بقوة السلاح، راجعين نحرر الحمى.
“راجعين كما رجع الصباح، من بعد ليلة مظلمة”.
بحث
Subscribe to Updates
Get the latest creative news from FooBar about art, design and business.
المقالات ذات الصلة
© 2024 جميع الحقوق محفوظة – طلال سلمان