لا يمكن تجاهل البيان الذي اصدره الرؤساء السابقون الخمسة (ميشال سليمان، أمين الجميل، فؤاد السنيوره، نجيب ميقاتي وتمام سلام) وأرسلوه إلى قمة البحر الميت العربية ليكون مرشداً لها ودليل عمل لما فيه خير الأمة وسلامة أقطارها ودولها الناهضة!
فالبيان خارطة طريق تولى موقعوه إدارة دفة الحكم في لبنان طوال خمس وثلاثين سنة، بكفاءة منقطعة النظير، بدليل ما يعيشه اللبنانيون اليوم من أزمات خانقة في السياسة والاقتصاد والاجتماع… وعلى هذا فمن حقهم، برصيد النجاحات المذهلة التي حققوها على امتداد ثلث قرن أو أكثر، أن يوجهوا القمة ومن فيها من أمثالهم!
من رئيس لدولة محتلة “انتخب” بحراسة البنادق الاسرائيلية ووقع مع المحتل إتفاق العار في 17 ايار 1983، إلى رئيس جمد دورة الحياة في البلاد واشتهر بخطبه الخشبية وبممارسة النفاق للمال السعودي في آخر خطبة رئاسية ودع بها المنصب المفخم فارغاً بعد ولايته الميمونة.
..ومن رئيس لحكومة حققت الرقم القياسي في استفزاز الناس بمواقفها من الحرب الإسرائيلية على لبنان في العام 2006، كما بإنجازاتها الاقتصادية المشهورة، إلى رئيس آخر للحكومة اشتهر بكلامه المائي الذي يتركك تفهم ما تريد بما لا يقصده، إلى رئيس ثالث للحكومة ظل لا يحكم من جلباب غيره محصناً بالصمت والصبر حتى جاء الفرج وعاد سعد ليتسلم الأمانة ممن حفظها وحرسها حتى عودة “صاحبها”.
هؤلاء “الخمسة الكبار”، وكلهم خارج القرار، عقدوا تحالفاً لا يخلو من شبهة طائفية ضد شركائهم في الوطن، وتوجهوا ببيان توجيهي للقمة العربية يتضمن تحريضاً على “حزب الله”، يمكن وضعه في باب النفاق للسعودية في حربها المفتوحة ضد إيران، وهو أمر لا يدخل ضمن مقتضيات السيادة والحرص على العيش المشترك وآخر مبتكرات الكيانيين اللبنانيين… ثم أن موقعيه لا يتمتعون بأية صفة رسمية تمكنهم من مخاطبة القمة وكأنهم ممثلون شرعيون- ولو في موقع المعارضة للشعب اللبناني.
واذا صدقنا الشائعات فان الرئيس سعد الحريري هو “السادس” وإن إمتنع عن التوقيع رفعاً للحرج، إذ كيف يوقع بياناً يهاجم “حزب الله” وفي حكومته وزيران يمثلان هذا الحزب الذي لا ينكر عليه أي مكابر دوره في تحرير لبنان من الإحتلال الإسرائيلي في أيار العام ألفين، ثم في مواجهة الحرب الإسرائيلية على لبنان وإلحاق الهزيمة بالمعتدي في تموز- آب 2006.
الملفت أن اللبنانيين لم يعرفوا يوماً أن هؤلاء الذين تلاقوا، فجأة، وتناقشوا فتفاهموا ثم وقعوا على بيان مشترك وجهوه إلى قمة البحر الميت بلا طلب(؟)، وبغير مناسبة.. ولم يعرف أنهم اعضاء في حزب واحد أو تكتل واحد، بل أن بين كل منهم والآخرين ما صنع الحداد.. فماذا جمعهم، فجأة، وفي هذه اللحظة بالذات، وعلى هذا الموقف الذي لا يمكن اعتباره “بريئاً”؟!
لقد انحدرت القمة حتى كادت تغرق في البحر الميت..
وهذه “العريضة” المباغتة سبب إضافي لغرقها، مع موقعيها، في “بحر الردة” إضافة إلى البحر الميت.