تتصرّف الإدارة الأميركية وكأن القرار الدولي 1701 ليس أكثر من جولة أولى في حربها المفتوحة (قبل إسرائيل ومعها وبعدها) على المقاومة في لبنان.
لقد سلّمت بهذا النص الذي تراه ناقصاً و غير حازم بالاضطرار، عندما تراجعت فرنسا متأخرة وربما لأنها تنبّهت أنها سوف تربح نصاً قوياً ولكنها ستخسر لبنان، في حين أن الفضل سيذهب إلى.. جون بولتون الذي كاد ينتزع من الجميع لقب حامي السيادة والاستقلال في لبنان .
أما وقد بهتت صور المجازر الإسرائيلية في قانا وصريفا وعيناثا وبريتال وبعلبك والهرمل وعكار، وتوقفت شبكات البث الإخباري المباشر عن نقل الإنجاز الإسرائيلي في تدمير المدن والبلدات والقرى فضلاً عن ضاحية بيروت الجنوبية ذات النصف مليون ساكن أو يزيد.
.. أما وقد تمّ استنقاذ الحكومة المتهالكة في إسرائيل بسبب الصراعات داخلها ثم بينها وبين قيادة جيشها، والتي قدمتها للعالم بصورة مغايرة لما تعوّده فيها ومنها، إذ تبدّت وكأنها قوة كبرى بلا رأس، وبلا خطة، ومع ذلك فقد ورّطت نفسها في حرب منهكة مع من
لا يستطيعون تحمّل الهزيمة.
ها قد تخفّفت الدول، العربية بداية ثم في الغرب، من ضغوط الرأي العام في الداخل والخارج الذي استهول إقدام إسرائيل على استعادة تجربة كوسوفو! بمعنى أن تقصف وتدمر وتقصف وتدمر وتقصف وتدمر كل أسباب التواصل والاتصال، وكل الأمكنة التي تعتبرها قواعد للمقاومة، سواء قواعد إمداد، أم قواعد إطلاق، أم قواعد شعبية توفر لها الغطاء والتأييد والدعم، بحيث يصبح المقاتلون أفراداً معزولين عن بعضهم البعض وعن قواعدهم الخلفية والأهم عن ناسهم… بل وقد يتحوّلون إلى عبء على شعبهم الذي سيصير نصفه إلى مهجّر ولاجئ عند النصف الآخر، وهكذا لا يكون أمام المقاومين غير الاستسلام أو الانكفاء أمام آلة القتل الإسرائيلية التي يتقدم جنودها ليغسلوا تعبهم في مياه الليطاني، ومن ثم يعلنون النصر الساحق الماحق على المقاومة والمجاهدين والمناصرين والمحبّذين، فينفجر الساكتون ليكملوا المهمة، وإذا المقاومة بعض الماضي.
يمكن للإدارة الأميركية بالتالي أن تكمل النقص في القرار 1701 بقرار جديد يقضي بإعدام المقاومة في لبنان، قيادة ومقاتلين وسلاحاً وقاعدة جماهيرية واسعة… ولا بد من إنجاز هذه المهمة سياسياً طالما أن العسكر الإسرائيلي قصّر في إنجازها.
وهكذا تمّ تقديم الرشوة، 230 مليون دولار، ومعها الدعوة إلى مؤتمر دولي لمساعدة لبنان قبل أن يعلن الرئيس الأميركي جورج بوش أنه ذاهب مجدداً إلى مجلس الأمن ليستحصل منه على قرار جديد لا لبس فيه ولا غموض يقضي بتجريد المقاومة من سلاحها، وربما باعتقال قيادتها ومجاهديها واقتيادهم إلى معتقل الديموقراطية الأميركية في غوانتانامو!
وليس ضرورياً أن يتم التنفيذ غداً، المهم أن تتسلح الإدارة الأميركية ومعها إسرائيل بالحكم الصادر عن أعلى سلطة دولية، ثم ينظر في أمر الموعد، بل المواعيد، وتوضع روزنامة يجري تحقيقها على مهل..
ولعل هذا التصرف الأميركي يكشف بعض أسرار التعثر في استكمال عديد القوات الجديدة التي ستضم إلى اليونيفيل في لبنان، واستكمالها كما نعرف شرط للانتشار الكامل للجيش اللبناني وتسلمه النقاط التي أبقت فيها إسرائيل بعض جنودها للمساومة عليها.. سياسياً.
ولا يحتاج واحدنا إلى قدرة استثنائية على التحليل ليستنتج أن هذه الحرب الناقصة كانت أميركية ومن ثم إسرائيلية، وأن الحرب المقبلة ستكون أميركية بالمطلق.
بحث
Subscribe to Updates
Get the latest creative news from FooBar about art, design and business.
المقالات ذات الصلة
© 2024 جميع الحقوق محفوظة – طلال سلمان