لا بد من رفع الصوت بالاعتراض على عمليات القتل الجماعي التي ارتُكبت في بغداد، أمس، باسم مقاومة الاحتلال الأميركي والتي حصدت عشوائياً أعداداً هائلة من المواطنين العراقيين الذين لا يمكن أن يتهموا في وطنيتهم ثم يحكم عليهم بالإعدام وينفذ فيهم الحكم من قد لا يكون أثبت على وطنيته منهم، ومن قد يكونون هم الضحايا أشد عداءً للاحتلال منه.
لا بد من إعادة توضيح الحدود بين مقاومة الاحتلال بالموقف الجامع، الموحّد، المعبّر عن الطموح الوطني الشرعي إلى التحرر والسيادة والاستقلال، ولو بقوة السلاح، وبين ارتكاب المجازر ضد المؤسسات الدولية التي يصعب اتهامها بخدمة الاحتلال، أو ضد جموع البسطاء من العراقيين المعوزين وفاقدي الأمان والذين لا مجال لاتهامهم ظلماً وبغير دليل قاطع بأنهم إن هم خرجوا إلى طلب الرزق فإنما يخدمون الاحتلال أو يمهّدون لاستقراره في البلاد.
إن ما وقع، أمس، في بغداد جريمة بكل المعايير، بل هو أفظع من جريمة: إنه خطأ سياسي قاتل، سواء بأدواته، أو بأهدافه أو بتوقيته الاستثنائي مع أول أيام رمضان المبارك.
وبرغم التحفظ على أسلوب »القتل عن بُعد«، باستخدام أسلحة لا تميّز في »أهدافها« بين عسكر الاحتلال، ولو كانوا بملابس مدنية، وبين سائر الخلق الذين قد توجدهم المصادفات في المكان الخطأ، فإن الفارق هائل بين عملية القصف التي استهدفت فندقاً يتخذه قادة الاحتلال وأتباعهم مقراً، وبين جرائم القتل الجماعي التي ارتكبت أمس ضد الصليب الأحمر الدولي وبعض مقرات الشرطة العراقية وجموع المواطنين العراقيين الذين يفرض المنطق كما الواقع اعتبارهم بحر المقاومة ومعينها وحمايتها، وليسوا أنصار الاحتلال أو الساكتين عنه إلى أن يثبت العكس.
إن مثل هذه الأخطاء السياسية إنما تساعد الاحتلال في تبرير جرائمه الفظيعة، والأخطر أنها قد تزكي منطقه المغلوط من أنه إنما أتى ليخلص العراقيين من إرهاب نظام الطغيان والمقابر الجماعية.
إن الدقة في تحديد الهدف هي أمضى أسلحة المقاومة… ثم إن سمعة المقاومة ومصداقيتها ترتبطان بحرصها على حياة أهلها. أما القتل للقتل، من دون تمييز في الأهداف والضحايا، فإنه يؤذي المقاومة ويشوّه سمعتها بما يخدم بالنتيجة الاحتلال وقد يصوّره زوراً وتزويراً كأنه المنقذ!
انتباه أيها المقاومون المستجدون حتى لا يذهب جهدكم في الاتجاه المضاد للشعار!
بحث
Subscribe to Updates
Get the latest creative news from FooBar about art, design and business.
المقالات ذات الصلة
© 2024 جميع الحقوق محفوظة – طلال سلمان