طلال سلمان

ورحل عاشق مصر والعروبة طلال سلمان

ورحل الكاتب اللبناني الكبير طلال سلمان حبيب مصر العروبة التي وصفها في مقال شهير له بقوله: فمن أحكام التاريخ وحقائق الجغرافيا أن حضور مصر يجعل من العرب أمة تمتلك القدرة على الفعل، وأن غيابها يُخرجهم من التاريخ، بينما يعيد «الخارج» رسم جغرافيتها بما يجعل قرار الحياة والتقدم فى أيدى أعداء غدها.

كان طلال سلمان يعشق مصر حتى النخاع وكتب في حبها أيضًا: لقد عاش العرب معظم القرن الماضى يتفيأون ظلال مصر.. هى «دولتهم»، بين روادهم فى طلب الاستقلال «سعد زغلول»، وبين صناع وجدانهم «سيد درويش»، وأم كلثوم ومحمد عبد الوهاب، وبين محطات نضالهم الوطنى «ثورة 1936» التى كان لها تردداتها فى فلسطين وسوريا ولبنان، وبين مصادر إشعاعهم أحمد شوقى وطه حسين وتوفيق الحكيم.. حتى إذا فجّرتِ الهزيمة فى فلسطين ثورة 23 يوليو 1952 اتخذها العرب قيادةً للأمة، فواكبوها تحت راية جمال عبد الناصر، وهى تزخم إرادة التحرر في ديارهم جميعًا ثم تمدها إلى إفريقيا وبعض آسيا وبعض أمريكا اللاتينية.

وبرغم الغفلة التي تسببت في هزيمة 1967 فقد عادت مصر إلى وعيها سريعًا، واندفعت، مرة أخرى إلى الميدان عبر حرب الاستنزاف التي مهدت للانتصار في العبور المجيد 1973، مستبقية لذاتها شرف القيادة حتى سقط منها مع خروجها (أو إخراجها) من دورها بمعاهدة الصلح المنفرد مع العدو الإسرائيلي تحت الرعاية الأمريكية.

كانت رحلة طلال سلمان الصحفية بدأت في خريف 1962، سافر سلمان إلى الكويت، حيث أصدر مجلة «دنيا العروبة» وتولى رئاسة تحريرها حتى 1963 حين عاد إلى بيروت ليتولى إدارة التحرير في مجلة الصياد، بين 1963 و1973، تنقّل سلمان بين عدد من الصحف والمجلات، وذاع صيته في عدد من الدول العربية بعدما حاور عددًا من الملوك والرؤساء والقادة السياسيين العرب أمثال جمال عبد الناصر ومعمر القذافي وهواري بو مدين والشاذلي بن جديد وأحمد بن بيلا وحافظ الأسد، إضافة إلى أحمد حسن البكر وصدام حسين وسالم ربيع علي وعلي ناصر محمد والملك خالد بن عبد العزيز والملك فهد وأمير الكويت جابر الأحمد والخميني.

في 14 يوليو 1984 تعرَّض لمحاولة اغتيال أمام منزله في رأس بيروت فجرًا تركت ندوبًا في وجهه وصدره. وكانت سبقتها محاولات لتفجير منزله، وكذلك عملية تفجير لمطابع «السفير» في الأول من نوفمبر 1980، وفي الرابع من يناير2017، أقفل طلال سلمان جريدة «السفير»، بسبب صعوبات مادية خصوصًا. وكانت تلك ضربة كبيرة للإعلام اللبناني الذي عُرف على مر سنوات بتنوعه وحريته، وشكّل علامة فارقة بين الدول العربية الأخرى، ويصف نفسه في سيرته بأنه «واحد من متخرجي بيروت عاصمة العروبة».

تتميّز شخصيته كإعلامي بمزيج من رهافة الوجدان السياسي والصلابة في الموقف، ما عرّضه إلى ضغوط متزايدة، طوال حياته، وقد كان عضو مجلس نقابة الصحافة اللبنانية منذ عام 2002، وصدرت له عدة كتب، منها: مع فتح والفدائيين (دار العودة 1969)، وثرثرة فوق بحيرة ليمان (1984)، وإلى أميرة اسمها بيروت، وحجر يثقب ليل الهزيمة (1992)، والهزيمة ليست قدرًا (1995)، وعلى الطريق.. عن الديمقراطية والعروبة والإسلام (2000)، وهوامش في الثقافة والأدب (2001)، وسقوط النظام العربي من فلسطين إلى العراق (2004)، وهوامش في الثقافة والأدب والحب (2009)، ولبنان العرب والعروبة (2009)، وكتابة على جدار الصحافة (2012).

موقع جريدة الاسبوع

Exit mobile version