لولا حماسة المتظاهرين غضبا من هذا النظام الفاسد المفسد..
ولولا نخوة الفتية وصبايا الأمل الذين اندفعوا إلى الشوارع والساحات بدءاً بالجميزة امتداداً إلى مار مخايل ومؤسسة كهرباء لبنان والكرنتينا ومدور، وصولاً إلى الأشرفية ومستشفى رزق وما جاوره، لكانت الكارثة أعظم هولاً والضحايا -على كثرتهم- أكثر مما قالت الأرقام المفتوحة الآن بعد على المجهول.
وكما جرت العادة في لبنان الذي لا شبيه له في الكون، “ألقي القبض على المقتولين والمفقودين والجرحى”، و”قيدت القضية ضد مجهول”!
وكما جرت العادة، ايضاً، توافد الزوار، رؤساء (فرنسا) ووزراء عرباً وأجانب، إظهاراً لعواطف الأخوة والتضامن وقراءة الفاتحة أو ” السلام عليك يا مريم” على أرواح الذين تم ترحيلهم، قسراً عن هذه الدنيا الفانية، إلى دار الخلود.
*****
لا تذهب استقالة الحكومة العرجاء والمعاقة منذ ولادتها بمرارة الفقد، ولا هي تذهب بأحزان الأهل الذين فقدوا فلذات أكبادهم أو آباءهم وأمهاتهم أو بيوتهم التي بنوها بعرق الجبين..
ومع تقديرهم لزيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وتجوله في الأحياء التي لم يكلف خاطره أي مسؤول لبناني زيارتها..
ومع تقديرهم لزيارات التضامن الأخوي التي حملت وزراء ومسؤولين عربا وأجانب كثيرين، الا أن انتظارهم زيارة أي من الرؤساء المحليين أو نوابهم أو الوزراء، فإن تدفق الناس الذين تركوا أسماءهم في بيوتهم، والصبايا والشبان والفتية الذين اندفعوا إلى رفع الأنقاض وكنس الشوارع وتوزيع المساعدات على الجرحى والمصابين الذين تعذر نقلهم إلى المستشفيات بسبب إصابة مبانيها أو تعاظم أعداد الجرحى والمصابين حتى ضاقت بهم الطرقات داخلها ومن حولها، فتركوا خارجها في انتظار سفار بعض الرحى أو رحيلهم.
على اهالي الضحايا والمتضررين أن ينتظروا، إذن، الاستشارات التي لن تؤدي إلى تشكيل حكومة جديدة، أقله بالسرعة المطلوبة، ثم إلى التفرغ لسماع مرثيات النواب، بعد الاستقالات التي تقدم بها بعض أبناء اللون الطائفي الواحد..
في أي حال، واستباقاً للتدخل الاجنبي أو الإيحاءات الخارجية، فقد تنادى رؤساء الحكومات السابقين إلى التلاقي لإجراء قرعة تحدد الرئيس الجديد لحكومة ما بعد النكبة..
ولتعذر وجود رؤساء سابقين للمجلس النيابي فقد تم تكليف “الرئيس الوحيد”، أن يشاور نفسه ومن يراه مناسباً صاحب الحظ في ترؤس حكومة إزالة آثار.. النكبة!
أما الوزراء فيمكن تمريرهم عبر لعبة مفرد – مجوز، أو الاستغماية، أو عبر المبصرين والمبصرات وقراء الحظ.. وأوراق اليانصيب.