طلال سلمان

تنتياهو:سيد السيد في البيت الأبيض!

لو لم يكن بنيامين نتنياهو يهودياً ورئيساً لحكومة إسرائيل المنتخب ديموقراطياً من شعبها الذي لم يعرف الحرب مطلقاً لكان أقل ما أطلق عليه من ألقاب ونعوت: الإرهابي، النازي، العنصري، المعادي للإنسان، الرجل الذي يعيش خارج العصر، الآتي من ترسبات أزمنة الدكتاتورية والتعصب الديني، والمهووس بالحرب والذي لا يطيق أن تلفظ أمامه كلمة »سلام« فإذا ما لمح في الجو »حمامة« طاردها برصاصه حتى أرداها تتخبط بدمها!
لكن بنيامين نتنياهو يهودي، ليكودي، تنظم القصائد في تطرفه الإيديولوجي وكأنها ميزة حضارية، ثم إنه رئيس لحكومة إسرائيل، درة الديموقراطية الغربية في الشرق البدوي، وواحة التسامح الديني في مجتمعات مغلقة بالتعصب على مذهب أو طائفة واحدة، والنموذج الأرقى للتقدم الإنساني بدليل أن كل عباقرة الكون من مخترعي الأسلحة الجديدة ومطوري الأسلحة القديمة ومبتكري العائلات الجديدة من الصواريخ أو الصواريخ المضادة للصواريخ أو سائر مستحدثات »التقنية العالية« يحتشدون في أرض الميعاد لكي يحققوا »المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة..«.
لو لم يكن بنيامين نتنياهو يهودياً ورئيساً لحكومة إسرائيل لخرجت التظاهرات في سائر عواصم الحرية والديموقراطية والإخاء والمساواة تطارده وتطالب بمحاكمته على مسلكه الفاشي، على الجرائم المقصودة التي ارتكبها ويرتكبها ضد الإنسان في فلسطين أو في لبنان (وكل منهما رمز لكل إنسان مقهور ومسلوب الحق في إنسانيته، في هذا العالم الخاضع لليكوديين)..
لكن بنيامين نتنياهو يهودي، ليكودي، أي أصيل في ممارسة الإرهاب، الفردي والجماعي، وعذره في تطرّفه الذي كأنما جاءه »من عند الله« فلا يُدان صاحبه ولا يُحاسَب عليه، ومبرّراته ضاربة جذورها في التاريخ بعمق ثلاثة آلاف سنة أو يزيد، ومعظمها ملفق ومزوّر ومختلس من الآخرين أو أنه وحشي ومشين ومخز لأي إنسان في الماضي كما في الحاضر.
لو لم يكن بنيامين نتنياهو يهودياً ورئيساً لحكومة إسرائيل العالمية لاحتلت صورته أغلفة كبريات المجلات الأميركية والإنكليزية والفرنسية إما في قلب الصليب المعقوف لادولف هتلر، وإما بالقميص الأسود لموسوليني، أو في أرحم الحالات بين مطرقة ستالين ومنجله العظيم الحصاد.
لكن بنيامين نتنياهو يهودي وليكودي وهو بتطرفه المقدس انما يحمل رسالة انسانية سامية عنوانها اعادة بناء هيكل سليمان فوق جثث الشعب الفلسطيني الموجود في ارضه قبل سليمان وبعده ناهيك بحقوقه، فالهيكل الذي لا يوجد دليل على وجوده في القدس أصلاً أهم من البشر طالما أنهم ليسوا يهوداً وليسوا على وجه التحديد ليكوديين!
لو لم يكن بنيامين نتنياهو يهودياً ورئيساً لحكومة اسرائيل لكان رجال الفكر والقانون يطاردونه بتهمة التأسيس للارهاب الجماعي وتحريض الشعوب ضد الحضارة الانسانية واحياء كل أنواع الاصوليات التي تمثل ارتداد الانسان الى وهدة التخلف والهرب من مواجهة مصيره بعقله وبالعلم والفكر المتجدد.
لكن بنيامين نتنياهو يهودي وليكودي ورئيس حكومة التطرف الاسرائيلي، لذا فهو يدخل البيت الأبيض بوصفه »سيد سيده«، ويقرر فيه ومنه مصائر شعوب ويرسم خرائط مبتكرة للأوطان والدول،
لقد تبدى بنيامين نتنياهو في الصورة المثلى التي يريد ترويجها عن نفسه وهو يخطب امام المنظمات المؤيدة لاسرائيل: كان رجل عصابات، يستثير التعصب الديني والعنصري، يستعدي اليهود بوصفهم شعب الله المختار على سائر أهل الأرض، ويتحدى العالم كله بمفاهيم مغلوطة ومعادية للانسان، محقرة لعقله ولعلمه ولكرامته وبالطبع لحقوقه أيضاً.
كان بنيامين نتنياهو وحشاً ببذلة أنيقة وربطة عنق غالية الثمن،
كان بنيامين نتيناهو مسخاً أنجبته عقدة الشعور بالاثم الغربية، او هكذا يزعمون، ثم اسبغت عليه صفات الألوهة وسلمته مقاليد الامور في كل مكان، بدعوى التكفير عن جرائم النازية ضد اليهود!
وكان »العربي« هو الضحية النموذجية التي تقرر ان تقدم لهذا الغول الذي لا يشبع ولا يرتوي من مص دماء ضحاياه.
مع ذلك فأنت الارهابي، وانت المعادي للسلام، وانت محترف الحرب، وانت غاصب الأرض والخارج على الارادة الإلهية.
وطالما عجزت عن تبديل هذه المعادلة فستظل تقتل ألف مرة في اليوم ثم تحاكم بوصفك المعتدي والقاتل والمجرم بالفطرة لأنك لست يهودياً ولست ليكودياً بل مجرد عربي منذور للموت والذل الأبدي!

FacebookTwitterEmailWhatsAppShare
Exit mobile version