»جئناك يا عبد المعين لتعين أتاريك يا عبد المعين تنعان..«،
هذه حالة الرئيس المصري حسني مبارك مع صديقه الرئيس الأميركي بيل كلينتون،
وهذه حالة المملكة العربية السعودية مع حليفها الكبير الولايات المتحدة الأميركية،
وهذه حالة الملك الأردني مع أصدقائه الشركاء في تل أبيب،
لقد ذهب الرئيس مبارك إلى واشنطن وبين همومه طلب المساعدة على مواجهة ما يفترضه »إرهابù« يمارسه بعض أولئك المسحوقين بذلّ الحاجة وانتفاء الدور ممن أخذهم اليأس من التغيير (الديموقراطي!) إلى أقصى التطرف وأعطوا أنفسهم حق محاسبة »المستخلفين في الأرض« باسم السماء.
لكن الرئيس الأميركي بيل كلينتون كان أحوج من الرئيس مبارك إلى المساعدة في مواجهة أشتات المتطرفين عندهم الذين يمارسون »الإرهاب« كلعبة عبثية أحيانù، أو كنوع من الاعتراض القاصر عن التحول إلى تيار أو قوة سياسية مؤثرة، أو كانتقام أو رد فعل غاضب يظل أعجز من أن يترجم نفسه سياسيù.
أما في السعودية فقد انقلبت قوة الحماية الأميركية التي جاءت قبل ست سنوات إلى منطقة الجزيرة والخليج تحت لافتة تحرير الكويت، إلى مصدر خطير ليس فقط على مواطني تلك الأقطار بل على أنظمتها أساسù.
وهكذا فإن وزير الدفاع الأميركي لا يغيب حتى يعود ليطالب السعوديين بأن يتولوا تأمين الحماية للقوة التي جاءت بذريعة حمايتهم، مع التكفّل بدفع كامل المصاريف المتوجبة على حماية الحماة!
أما في الأردن فإن »الازدهار« الذي وفّرته الشراكة الإسرائيلية، المضمونة والمزكاة أميركيù، يكاد يتسبّب في »ثورة جياع«، إذ بلغ الركود الاقتصادي مداه الأقصى فامتد إلى سعر الخبز مما حرّك الشارع وهزّ ركائز الاستقرار السياسي..
لا ضرورة للبحث عن المسؤول. انه »الإرهاب«!
كل معترض »إرهابي«، وكل قائل بالتغيير المسدود افقه بالدبابات وأحكام الاعدام وخواء العملية الانتخابية (او انعدامها) هو »متطرف« وهو »أصولي« ولا بد من اجتثاثه من أجل ان يستعيد العالم هدوءه الذي لم يبلغه الا بعد سقوط »امبراطورية الشر« الشيوعية!
لكن المثل الأكمل في البشاعة هو هذا الذي يجري في لبنان:
ان اسرائيل تطالب اللبنانيين، والآن السوريين، بحماية احتلالها لبعض التراب الوطني اللبناني، وتصنف مقاومة الناس، اهل الأرض، وصدامهم (البديهي) مع عسكر احتلالها »إرهابù«،
ان الاحتلال هنا يقدم نفسه في صورة قوة حماية من »الإرهاب«،
وقوة الحماية الأجنبية هناك تطلب من الحكم حمايتها من »الإرهابيين« الذين كانوا في الأصل »معارضة سياسية« فحوّلهم الوجود الأجنبي الى اصحاب دعوى تحرير وتطهير للأرض المقدسة. لقد باتوا الآن اصحاب قضية.
وهكذا فان قوة الحماية الأجنبية باتت عبئù إضافيù على كاهل النظام المغلوب على أمره في علاقته بها، والممنوع من معالجة أسباب الأزمة الاجتماعية الاقتصادية التي تحولت بالنتيجة الى أزمة سياسية حادة مع »شعبه«.
ان »امبراطورية الخير« القائمة الآن في ظلال وحدانية الهيمنة الأميركية متينة البنيان بحيث ان قنبلة واحدة قد تزعزعه، فكيف اذا فجر استشهادي نفسه في مجموعة من عسكر الاحتلال؟!
(تتمة المنشور ص1)
.. اما ميليشيات اوكلاهوما والمعتدون بالقنابل على الالعاب الاولمبية في اتلانتا فمجرد منحرفين اخذهم الطيش الى الجريمة، ولكنهم ليسوا ارهابيين لأن الارهاب اسمر البشرة دائما ويحمل اسما تصعب كتابته بقدر ما يصعب نطقه!
ومن اسف ان بعض الانظمة العربية تنقل مشكلاتها الداخلية التي لا حل لها الا في الداخل، وعبر معالجة اسبابها الاقتصادية والاجتماعية ومن ثم السياسية، الى »خارج« لا يملك حلولا لمشكلاته هو داخل مجتمعاته، فكيف وبأي وسيلة سيحل مشكلات الاخرين؟!
هذا النقل يتسبب في الحاق ابلغ الاذى بالعرب عموما، الرعايا وحكامهم!
فحين يوجه الحاكم الى جماعات من مواطنيه تهمة »الارهاب« يوفر لاسرائيل ذريعة لاتهام مقاومي احتلالها بالارهابيين بالاستناذ الآن الى التصنيف »الرسمي« لكل من يقول: لا!
وحين يعجز الحكم عن تلبية الحد الادنى من مطالب شعبه الحياتية ومن حقوقه السياسية فيتهم طلائعه بالارهاب، يكون وفر لقوة الاحتلال الاجنبي »شرعية« لا تملكها ولا يوز ان تسبغ عليها.
وفي الحالين لا يزداد هذا الحكم الا ضعفا على ضعف سواء في مواجهة اسرائيل او في مواجهة الحليف الكبير، واساسا في مواجهة شعبه الذي لن يعود قادرا على التفريق بين هؤلاء »المتحالفين« ضده والذين يطاردونه بتهمة الارهاب ليمنعوا عنه حقوق الانسان.. ولو في حدها الادنى!