لست ادري اذا كان الكثير من الزملاء ممن عرفوا واقتربوا من طلال سلمان على اختلاف تجاربهم يجلسون كما اجلس منذ ايام امام مساحة بيضاء اكتب وامحي واعيد الصياغة؟وكلما امتلأت صفحة اعود فألغيها واثقة انها لن تفي الرجل حقه؟ وان كلاما كثيرا قد يقال في تلك التجربة المكثفة و المتعددة الاتجاهات في الصحافة والسياسة والادب والثقافة والفنون على اختلافها مع “نسمة” حب رقيقة تسللت بين كل ما ذكر
اية كلمات تقال بعد قد تعطي الرجل حقه؟واية صفات قد توصل المبنى بالمعنى وتصفه كما كان حقا ،
،،،،،ابو احمد وهو يمشي منتصبا” كرمح, الانيق دون تكلف ،البسيط والودود مع هيبة تحيطك بحنو ،وتتجدد في كل لقاء ، خفيض الصوت بكلمات قليلة كأنها همس محب.
لست ادري اذا كانت دموعي التي انهمرت مذ علمت برحيل الاستاذ والحسرة التي شعرت بها هو على الجسد الذي رحل ؟ وكلنا يعلم انه ودعنا قبل ذلك بكثير اولا” حين خذله الاقربون قبل الابعدون ‘وبعدها حين انتزعت “السفير” عنوة ،منه ومنا ومن المشهد الاعلامي للصحافة المكتوبة التي كانت عروستها ومدرستها وجامعتها وفي طليعة صحفها ،تماما”كما كان الزملاء فيها نخبة صحافيي لبنان وهذا الشرق الحزين المتخبط بالامه واوجاعه ،الملعون بحكامه منذ الازل ! ام انها دموع حزن وتحسر على زمن الصحافة الحقة والنضالات الحقيقية والاحلام التي اضحت اوهاما بفكرة بناء وطن ودولة غير مستباحة وغير مسلوبة الارادة
وطن بات يحكمه انصاف رجال ،وبشرق مستقر وبفلسطين حرة ابية؟؟؟؟
حسنا” رحل ابو احمد وهل من مثل ابو احمد يرحلون ؟؟ !
ليس سهلا او عاديا ان تكون من كتاب السفير وان يرتبط اسمك بواحدة من اعرق صحف العالم العربي فهذا وحده كان كفيلا “باعطائك جواز مرور اينما حط يراعك في الاعلام وكفيلا ايضا بأن يجعل لوقع اسمك مرفقا بالصحيفة الاعرق احترام وتقدير هو ما اختبرته شخصيا والحق يقال “فقد خضت في تجربتي بعيدا قبل ان استقر في “السفير “وهذا حصل قبل اقفالها بسنوات اربع جئت الى الجريدة الاحب الى قلبي ،رغم ان “السفير ” وفي وقت مضى وقبلها بسنوات كانت “محجتنا “،تواجدنا دوما بين “نزلة السارولا ” وشارع “الحمراء ” الرئيسي انا وعلي واسماعيل ويحي ورفاق كثر ، وكنا وان ابتعدنا نمشي ” على الطريق “تلك الطريق “التي خطها طلال سلمان ورفاقه بعرقهم ودمهم عندما جئت الى “السفير” بعرض واضح ،كان طلال سلمان -او هذا ماظننته على الأقل -بعيدا نوعا ما ، فانا اعمل تحت ادارة احمد طلال وبمعية الاساتذة -الاصدقاء حسن علوش وواصف عواضة في مشروع ملحق “السفير الاغترابي ” الذي كان مساحة لتوثيق الحضور اللبناني في العالم في ملفات شهرية توزع مع الجريدة ولحسن حظي ان مكتبي كان في الطابق السادس اي على بعد خطوات من مكتب وعالم “الاستاذ ” كانت عيناه الخفرتان وصوته الخفيض وتمتماته بما يشبه الهمس وهي ترمي علي سلاما سريعا كلما مر متجها الى مكتبه بمثابة احتضان عن بعد في كل مرة اسافر واعود لاسهر ساعات حتى ما بعد منتصف الليل في المكتب.مرة بالتمني لي برحلة جيدة وحتما “مفيدة ” -معلقا” بظرف وبشبه ابتسامةاو بعبارة ” الحمدالله عالسلامة , جيتي ؟” عندما اعود من رحلاتي الى الخارج.كانت السفير تجربة مختلفة بكل المقاييس اولتني المهمة الاصعب في الزمن الاصعب زمن انفض فيه الاصدقاء وبدأت معاناة السفير في تأمين موارد تعينها على البقاء والاستمرا ر صوتا للذين لا صوت لهم كانت المهمة السفر وانجازملف فيه من الصحافة والحكايا وتجارب الغربة والسفر بالقدر نفسه الذي يستطيع فيه تمويل نفسه وتغطية مصاريفه الباهظة على الاقل.اعطيت ثقة مطلقة وحملني هذا مسؤولية كبرى شعرت ان من واجبي انجاح الملف معنويا وماديا ليس من اجل الملف نفسه فقط بل كي تبقى السفير حجر عثرة في طريق كل صوت نشاز
نجحنا ؟ نعم وخذلنا ؟ نعم ايضا” سيما ممن كنا نظنهم اصدقاء
كان ملف السفير الاغترابي شأنا شديد الخصوصية وتجربة استثنائية كانت السفير بمثابة الصحيفة -الوطن -في بلاد الغربة- لا يسبقها سوى سؤال :كيفو الاستاذ طلال؟ تستقبل باحترام شديد حتى من خصومها نادرا ما طرقنا ابواب مسؤولين وسياسيين ووزراء خارجية او حتى رؤساء جمهورية ولم يستجب لرغبة “السفير ” في اللقاء على هامش انجاز الملف الاغترابي ،لم اعرف بعدها تجربة مماثلة رغم ما يحكى عن سطوة واهمية المرئي
شيئا فشيئا اصبح الاستاذ يود ان يضطلع عن قرب على علاقة المغتربين بالجريدة نجلس قبل وبعد السفر ليحملني سلاما الى فلان وتوصية من الاستاذ الى علتان
كانت مبادئه فوق كل اعتبار اقول هذا مستندة الى تجربة عشتها معه عرض عليه خلالها وفي عز ازمة السفير عرضا”مغريا -من خلالي-الا انه ابى مستندا على اخلاق ومبادى ابن الدركي الادمي
(هي تجربة عايشتها شخصيا وربما ارويها يوما ما )
يوما” لم يتخل ابو احمد عن دوره الابوي تحاه كل من عملوا معه دورا تخطى احمد وربيعة وهنادي وعلي
ليكون ابا وملهما ومعلما لكثيرين
سيمر زمن طويل قبل ان تلتقي بأمثال طلال سلمان
سلاما لروحك