طلال سلمان

طلال سلمان يُسلمُ روحَ قلمِه…

أَسلَمَ طلال سلمان روح قلمه وانتقل الى العالم الآخر بعد رحلة طويلة من مهنة البحث عن المتاعب.

كنت منذ أوائل الثمانينيات أدمنتُ على قراءة مقالاته وافتتاحياته في جريد “السفير” التي أسسها وتولى رئاسة تحريرها.

أسس طلال سلمان لصحافة تتمتع بموقف واضح منحاز الى القضايا العربية ولا سيما قضية العرب المركزية فلسطين.

يساري الالتزام حتى الرمق الأخير، صاحب موقف واضح من المسألة اللبنانية وحربها الطويلة و”الحركة الوطنية” وموقفه الواضح من اليمين اللبناني.

احتضن ناجي العلي و”حنظلة”، الرمز الكاريكاتوري الذي جسّد فيه ناجي العلي الفلسطيني المشرّد في الشتات والفلسطيني الرازح تحت الاحتلال.

تعرفت إليه في العام ٢٠١٤ عندما نظّمت “السفير” تحت إشرافه مؤتمرًا عن النفط والغاز.

استقبلني في مكتبه عدة مَرّات وأفسح لي مجالات للنقاش في عدة محاور، سياسية واقتصادية، محلية وعربية وعالمية.

واسع الافق كان في كل هذه المحاور وكان يضحك كثيرًا عندما يحدثك عمّن كان يمنع جريدته من دخول بعض المناطق اللبنانية أبّان الحرب، ويغرق في الضحك أكثر، عندما يخبرك أنه على علم وثيق بأن مانعي الجريدة كانوا يقرأون “السفير” كل صباح قبل قراءة أي جريدة أخرى.

غير أنه كان يدمع عندما يخبرك عن حكايات الصحافيين الذين لم تنصفهم المؤسسات الاعلامية التي أفنوا عمرهم في العمل فيها وملؤوا صفحاتها بحبرهم السيال.

كان يعرف ذلك بدقة، ويخبرك بالوقائع والأسماء وعيناه تدمعان وتدمعان.

في لقاءاتي المتعددة معه، لم يكن يناديني باسمي، “تفضّل يا ابن فؤاد دعبول” كان يقول لي، رابطًا ذكريات الأمس بالحاضر.

في آخر لقاء معه وقبل أن يقفل جريدته أخبرني أن الصحافة اللبنانية ليست بخير.

صدقتَ يا استاذ طلال، ترحل اليوم تاركًا وراءك تاريخًا من الصحافة ذات المهنية العليا، على الرغم من مواقفك المعروفة والتي كانت تعتبر حادة بالنسبة الى بعض الفرقاء في لبنان، إلا أنك كنت مدماكًا عاليًا من مداميك الصحافة، التي لم تعد اليوم وللأسف كما كانت من قبل.

وداعًا طلال سلمان.

أسكنك الله فسيح جنانه.

Exit mobile version