لكل فجر فلسطيني شهداؤه: يصبغون بدمائهم القانية وجه الشمس فتطل متباهية بالتاريخ الجديد لكرامة الإنسان، باسم فلسطين.
لا يقاتل المنذور للشهادة من أجل بلاده وحدها، انه يقاتل من أجل الغد الأفضل لكل الناس.. فالحركة الصهيونية ليست ضده في فلسطين وأهله في الوطن العربي فحسب، بل ضد الإنسانية جميعاً كما ضد حقه في الكرامة والهوية ومستقبل أفضل في أرضه التي كانت أرضه على امتداد التاريخ.
ليس الفلسطيني بطلاً اسطورياً يقاتل عمالقة القرن الحادي والعشرين.
انه “مواطن” طبيعي، عادي السمات، أسمر الوجه عسلي العينين، بشعر شبه مجعد، وغمازتين في الخدين، وابتسامة الفخر تضيء الجبين.
انه ابن الأرض التي كانت أرضه على امتداد التاريخ. جاءها مقتحمين مختلف أنواع الغزاة ثم رحلوا عنها أو ذابوا فيها متشرفين بالانتساب اليها.
ليس الفلسطيني سوبرمان. انه انسان بسيط، مثل أرضه. جبهته من جبالها وابتسامته من سهولها، شرفه منها ومصيره فيها. هي أمه وهو ابنها. هو والدها وهي تاريخه. تمنحه الإعتزاز بهويته، ويحفظها لكي يستحق شرف الحياة.
من هذا الذي جاء ينازعه حقه في أرضه وجدارته بالحياة؟
ها هو التاريخ شاهد: أين الروم؟ أين الفرس؟ أين أبطال الحملات الصليبية؟ أين العثمانيون؟ أين البريطانيون والفرنسيون والطليان والبرتغاليون الخ؟!
لقد ذهبت دولهم، ومن بقي من “جالياتهم” ذاب فيها من دون أن يلغي هويتها. الأرض بأهلها. الأرض لأهلها.
انهم يؤكدون هويتها وانتماءهم اليها بدمائهم، كل يوم.
لا جغرافيا من دون تاريخ. المهم أن يكون أهل الأرض جديرين بتاريخهم.
المهم أن يحفظ أهل الأرض شرف انتمائهم اليها بها. هم ينتمون إليها بقدر ما تنتمي اليهم.. لا انفصال ولا فكاك. الجغرافيا هي التاريخ… وهو من دونها بلا هوية… ولن يقبل أن يكون لاجئاً فيها أو نازحاً منها.
والتاريخ شاهد.. وهو لمن يكتبه.