غادرنا إلى الرفيق الاعلى صبيحة اليوم، الثلاثاء، الدكتور سعيد الاسعد، سفير لبنان في المغرب وسويسرا وانحاء أخرى، والنائب في وقت سابق، والرجل الراقي الذي اكتمل رقيا بزوجته السيدة بهيجة رياض الصلح.
من باب التذكر، اروي هنا ما سمعته منه يوم كان سفيراً في بون،
فلقد ذهب كسفير للبنان في زيارة بروتوكولية إلى رئيس الاتحاد السويسري، وهو منصب فخري، لا مسؤوليات مباشرة له، وبالتالي فلا مانع من أن يجيء إلى مكتبه البسيط راكباً دراجة.
خلال اللقاء الذي جرى في العام 1980، سأل “الرئيس” السويسري سفير لبنان: كم مر من الزمن حتى الآن، على الحرب في بلادكم؟
قال السفير الاسعد بانفعال يريد منه تعظيم حجم الكارثة: أكثر من خمس سنوات..
فوجئ السفير بالعجوز الرصين يبتسم بهدوء، قبل أن يقول بصوته الضعيف: أما نحن، هنا في سويسرا، فقد استمرت الحرب بيننا أكثر من مائة وخمسين سنة. لم تبق شجرة، لم تبق ساقية، لم يبق مبنى الا واقتتلنا عليه..
صمت الرئيس الذي لا صلاحيات له قبل أن يستدرك فيقول:
ليس معنى كلامي أن تستمروا في اقتتالكم مائة وخمسين عاماً، مثلنا.. بل لأقول أن امركم هين اذا ما رجعتم إلى انفسكم ورحمتم ابناءكم. لكل الحروب نهايات، فاسعوا لان تكون نهاية حربكم أقرب ما يكون..
وختم السفير الأسعد، رحمه الله، بأن قال لي:
أنت عائد إلى بيروت، فبلغ من تلتقي من زعماء الحرب بهذا الدرس السويسري الممتاز لمن يتشدقون بالحديث عن لبنان باعتباره “سويسرا الشرق” من دون أن يعرفوا عما يتحدثون.