كلنا وطن.
وكلّنا للوطن.
لا تعمل واحدة دون الأخرى ولكن النشيد يذكّرنا بأنّنا نفدي الوطن ولكنّه لا يذكّرنا أنّه بكل اختلافاتنا الفكرية والدينية والمذهبية والعقائدية معا ودون الغاء، نبني وطناً يوحدّنا…
كفانا مغالطة ومماطلة وتجاهلاً. لنكن واقعيين عقلانيين، وكي نؤخذ بجدّية بما نطرحه.
لا نستطيع أن ننكر أن أولئك الذين في الحكم قد أخطأوا تجاهنا لأنّهم استغلوا أوضاعنا الصعبة واستنزفوا الشعب… لكن اللوم بالفساد يقع علينا أيضاً… لأنّنا عندما قرّرنا عدم الانتخاب أو عدم التصويت لم نرفع صوتنا ونكسر صمتنا وسمحنا لهم ضمنيا بما قاموا به من ظلم ومخالفات دستورية وقانونية واقتصادية تجاه الوطن.
ومع ذلك كان لا بدّ من ثورة. الثورة هذه ذكّرت السلطة بأن الشعب يطالب ولا يفاوض، وأن الشعب صاحب قرار ولن يعيش مهمّشاً وعلى حياد من الظلم والاستبداد… مهما أتوا بحلول لا تخدم مصلحة الشعب أولاً والوطن ثانيا، قبل مصالحهم الشخصية لن ينجحوا من الآن فصاعدا دون محاسبة. لأن مصلحة الشعب هي مصلحة الوطن…ولكن لا بدّ من التذكير أنّ الثورة بدأت بعفوية احتجاجا على ظلم السلطة في قراراتها تجاه الفقير دون الغني، على عامة الشعب دون الزعامات واتباعهم. ولا بدّ من التذكير أنّ الثورة، كما كل ثورة سبقتها، لها مراحل. وأنّنا في مرحلتها الأولى… ولكنّنا الآن بصدد تشكيل حكومة انتقالية لها مهلة محدّدة اقصاها ٦ أشهر. لن يتغير النظام مع هذه الحكومة ولكن سيُكتب النظام الذي يفعل كل ما هو مطلوب وضروري لإكمال متطلبات الثورة كي ننتقل الى المراحل اللاحقة… الحل لن يداوي جميع الاطراف، منطقياً لا تستطيع ذلك، لكنه تمهيد لا بدّ من أن نحضّر أنفسنا لما هو أعظم…
الأولوية في هذه المرحلة هو تشكيل حكومة ذات دور محدّد ومربوط بتأسيس منظومة جديدة بعيدة عن الطائفية والمحاصصة وغيرها من وجوه الفساد السائدة، ومخولة قانونياً ودستورياً بتطبيق تفاصيل وقرارات موجودة مسبقاً لم يتمّ الإقرار بها منذ اتفاق الطائف وحتى يومنا هذا…
أن تركيبة الدولة الحاليّة عبارة عن تكتلات للقوى السياسية وأي قرار يجب أن ينال صوت اولئك القابعين في المجلس النيابي ليتمّ اقرارها. هنا يكمن دور الثوّار في هذه المرحلة الجذرية للضغط على ممثليهم من نواب ووزراء في المجلس مستقلين كانوا أو تابعين أو مسيّسين من أجل تشريع كل القوانين وبنود تعديلات دستور الطائف والقرارات الأخرى المركونة على رف التجاهل والنكران لدى النظام الفاسد القائم منذ 1991.
لست مناصراً للتكنو سياسية. ولكننا للضرورة الحالية علينا أن نرضى بها حلّاً مؤقتاً وأقصى مهلة له ٦ أشهر، كي نستطيع الوصول والتوصّل إلى ذاك الحلّ الذي يرضي جميع القوى الشعبية نحو غدٍ أفضل…
أعزائي الثوار: نحن الوطن! نحن كهلة وشبابا وأطفالا، رجالاً ونساء، كلنا معاً يداً واحدة لنحافظ على سيادة هذه الارض الموحّدة تحت راية العلم…
الثورة مستمرة ولكن المطالب بدأت ترمى عشوائياً وكأنّ تطبيقها في غاية السهولة وكأنّ الإلغاء وليس التغيير مطلبها الرئيسي. هذه ليست ثورة إلغاء. لا بل لا يجب أن تصبح كذلك… لن يتغير انتماء البعض بين ليلة وضحاها، وهذا الموضوع ليس مطروحا وليس واقعيا أن نطرحه أصلا. ولكن ما قامت به الثورة هو الغاء حاجز الخوف اسقاط سياسة التهويل وهذا من أهم الإنجازات حتماً…
الثورة بخير وباقية سلمية، شعب واحد تحت راية واحدة، منبت للرجال والنساء والأطفال سوياً… معاً… نحو الحرية.