لم يتقبّل أهالي زحلة وجوارها من بلاد البقاع خبر رحيل إيلي سكاف، الرجل الطيّب والسياسي رغم أنفه، والزعيم الذي لم يُتقِن الكذب نفاقاً للناخبين، فأطلقوا اعتراضهم على مشيئة الله جحيماً من الرصاص ذهب بكرامة الميت وحرمة الموت ومدنية المدينة.
اغتيل الحزنُ في غابة البنادق والرشاشات، وبدت المسدسات كألعاب أطفال، وابتعد الأصدقاء والأقارب عن النعش الذي أسقطت من حوله أعلام تنظيم مسلّح كان أعتى خصوم الفقيد الكبير، فضلاً عن كونه وافداً على زحلة وجوارها من خارج نسيجها ومزاجها.
كان إيلي سكاف يمثل «زحلة يا دار السلام»، ولكنه لم يكن خرّيج «مربى الأسودِ». كان «مدنياً» يرفض الميليشيات والسلاح، وكان إنساناً طيباً لا يتقن المناورات وسائر ما تتضمّنه «عدة الشغل» السياسي في لبنان.
ولقد ورث إيلي سكاف مساحات خرافية من الأرض، ولكنها كانت مثقلة بالديون التي كان لا بدّ أن تحدّ من حركته السياسية في التحالفات والمخاصمات السياسية… بينما كان منافسه الأول مثقلاً بالأموال متعدّدة المصدر، داخلياً وخارجياً، بما يوسّع مجاله الحيوي جبلاً وساحلاً، مشرقاً وشرق الشرق حتى مهبط الغيم… وفي لعبة الأصوات مقابل الديون، والأرض مقابل الزعامة (نيابة ووزارة)، كان طبيعياً أن يخسر إيلي سكاف المعركة، وإن ربح احترامه لنفسه ولناخبيه، حتى مَن ذهب يقترع لغيره معتذراً بحاجته، أو بأن «الدنيا هيك».
رحم الله هذا الزعيم الذي أعطاه الناس في لحظة غيابه ما منعوه عنه عندما اشتدّت حاجته إليه.
مع السلامة «يا بيك»، وقد كنتَ تمنح هذا اللقب لكلّ من تلتقيه من «العامة».