اكتشف النظام في لبنان أبشع واسوأ طريقة لإذلال “مواطنيه” “الزعران” الذين يتظاهرون ضد النظام الطائفي ويطالبون بإلغائه تحقيقاً للعدالة بين “رعاياه” الذين يمنعهم من أن يكونوا مواطنين فيه.
يتجاهل هذا النظام المتوحش أن رعاياه ليسوا من اصحاب الثروات، وليسوا جميعاً من النهابين والسماسرة ولا هم من “الشحاذين”،
ويتجاهل كذلك أن كرامتهم تمنعهم من مد أيديهم للغير بطلب المعونة بعنوان الاشفاق وحفظ كرامة من اذلته الحاجة..
لكن صاحب الفخامة واصحاب الدولة والمعالي من الوزراء والنواب واصحاب المصارف ما زالوا يتصرفون وكأن البلد بألف خير!
انهم لا يعرفون أن انهيار سعر الليرة إلى حد فقدانها نصف قيمتها سيدمر حياتهم اليومية ويأخذهم إلى الجوع.. بينما السادة الرؤساء والوزراء والنواب كلهم “ينالون حقهم” فيشبعون حتى التخمة، ويبقى “الشرفاء” جائعين.
ماذا يعني أن “تذوب” الليرة في طيات الدولار؟
هذا يعني أن الغني سيغدو فقيراً، وان الفقير سيموت من الجوع!
ولذلك، فأسهل وسيلة لضرب وحدة المطالبين، ووحدة المجوعين، تكمن في ضرب قيمة الليرة بحيث يلتهمها الدولار الجبار ويسقط من كانوا متوسطي الحال إلى الفقر في حين يتهاوى سقف الدخل على الفقراء الذين ستتزايد اعدادهم حتى يصيروا اكثرية اللبنانيين.
مع ذلك فلا خوف من أن يتوحد الجائعون. تكفي شتيمة لاحد الاولياء الصالحين او القديسين الميامين او بعض زوجاتهم حتى تكون فتنة، ويتحول المخلصون من اصحاب المطالب الى .. أطفائيين، لوأد الفتنة، وباي باي للمطالب واصحابها!
تسقط الليرة.. يعيش الدولار!
هكذا تكون مواطناً صالحاً.. والا فعليك اللعنة إلى يوم الدين!
وهكذا فإن شتيمة واحدة اطلقها واحد من المندسين في تظاهرة ناجحة تحولت في لحظة من نضال من اجل اسقاط النظام، إلى مشروع فتنة بين المسلمين لا تبقي ولا تذر..
وهكذا تفرقت صفوف المتظاهرين من اجل الرغيف وضبط سعر الدولار مقابل الليرة وتأمين فرص عمل للعاطلين عن العمل..
ولن يكون لبنان “دولة” ما لم يؤمن به شعبه كوطن، ويسلم اهله العرب بأنه ليس مجرد مصيف وفندق ومقهى، وتسِّلم “الدول” بأنه “ليس ممراً ومقراً لاستعماره والسيطرة على دول جواره.