تراجعت أخبار تونس أمام ما يجري في العراق أولاً، ثم العدوان التركي على سوريا ثانيا. ولهذا وغيره، لم ننتبه بما فيه الكفاية للحدث التاريخي الذي جرى فيها: انتخابات حرة لرئيس جمهورية!
كل الاعتراضات على المرشحين وعلى الفائزين في الدورة الأولى ثم على الرئيس المنتخب قيس سعيد، لها مشروعيتها. لكن، وبغض النظر عن شخصية الفائز، هناك ثمة عتبة تجاوزتها تونس اليوم وهي أن اللعبة السياسية ستتم منذ الآن فصاعداً من داخل النسيج الوطني وبالإعتماد على عملية سياسية لا عنف ولا استئثار للسلطة فيها. وبدون تفاؤل في غير مكانه امام كم القهر الذي نعيشه في منطقة عربية مترامية الأطراف، يمكن القول أن الديكتاتورية باتت خلف تونس.
وأسمح لنفسي هنا بكلمة شخصية: برغم كل الأسى الذي نعيشه وهو كثير، شعرت أن كلمة “فلسطين” التي لفظها الرئيس قيس سعد في كلمته دون أن يكون مضطراً لها، لم تكن، كما اعتدنا مع آخرين، مزاودة ولا صدى للفراغ، وفي هذا تعويض بسيط لامس مكاناً ما في داخلي.
صحيح ان الخيبات أصبحت تلاصقنا، صحيح أيضاً أن الأمل لا يزال مسموحاً، وهو ولأنه يُعقد على جبالٍ من الخراب، يصبح أجمل كقصة حب لا تملك إلا عُنفَ رغبتها لمقاومة الكون كله!
من القلب اذاً يا تونس أن يكون غدك وغد أطفالك أجمل، ففيه بعض من عزاء عن غدنا المتسرب من أيدينا كحفنة رمل.