طلال سلمان

نصر في »مستنقع« انتخابات

مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية تتكشف أكثر فأكثر هشاشة أو ركاكة الحياة السياسية وخواء الشعار السياسي الذي تخاض تحته أو به، ربما بسبب الانطباع السائد من أن نتائجها شبه معروفة سلفا، وأنها لن تغير الكثير لا في الوجوه ولا في قواعد اللعبة.
على هذا فليس من المستغرب أن تتبدى هذه »القطيعة« المفجعة بين الشعار الانتخابي وبين النصر السياسي الباهر الذي حققته المقاومة للبنان والعرب من خلفه،
لكن الخوف ان تتحول الانتخابات، بمباذل النواب المرشحين لأن يعودوا نوابا من جديد، وخصوماتهم الشخصية وضعف صلتهم بروح المقاومة، وبعدهم عن الناس وهمومهم الفعلية، المعيشية منها والسياسية، الى مستنقع يبتلع وهج النصر ويشوه الروح المعنوية التي أنتجتها المقاومة ورعتها وعززتها حتى صارت سمة أساسية من سمات لبنان المعاصر.
الخوف أن تُغرق البلاد بالحزازات والمزايدات والمناقصات الانتخابية التي لن تتورع عن إثارة الحساسيات المذهبية والطائفية فيها، بحيث يتلاشى المردود السياسي لنصر المقاومة، فيخرج لبنان من الانتخابات وقد فقد معظم رصيده المعنوي العظيم من غير أن يربح شهادة بتعزيز الديموقراطية فيه، فيهبط مستوى الأداء السياسي بدلاً من أن يرتفع مدفوعا بزخم الحدث الاستثنائي ممثلاً بإجلاء الاحتلال الإسرائيلي عن أرضه.
كان المنطقي أن نستعيد مع الأرض مستوىً سياسياً لائقاً بالنصر، لكننا نخاف الآن من انحدار في مستوى الأداء السياسي ينزل بنا تحت ما كنا عليه في السنوات الماضية.
وها هي النماذج تتزايد على استثارة الحساسيات، وتغليف الخصومات الشخصية بإطار مذهبي حيناً، جهوي حيناً آخر، طائفي حيناً ثالثاً، تنموي حينا رابعا الخ…
وما يتمناه المواطن اللبناني الآن أن تنتهي الانتخابات بخسائر يستطيع تحملها بغير أن يفقد آماله في »وطن« بين شروط وجوده قدر من الديموقراطية في حياته السياسية، وقدر من الرحابة في اعتراف الكل بالكل، بما يوطد وحدته ويحصنها.
وليس عدلاً أن تجيئنا المقاومة بالوطن فتعيدنا الانتخابات الى »مزرعة« مهددة دائماً بحرب أهلية جذرها طائفي وإن تعاظمت شعاراتها السياسية.

Exit mobile version