كل سنتين، تقريباً، توجه الطبقة السياسية اهانة جارحة إلى “الشعب العظيم”! تستقيل الحكومة او يفقدها الفشل مبرر وجودها بعدما تراكم مزيدا من العجز في الموازنة، وتغرق البلاد في “دويخة” تشكيل الحكومة الجديدة التي قد يستغرق “تركيبها” شهراً أو شهرين او ثلاثة أشهر.. او اكثر اذا ما أعتمدت “الطريقة الحريرية” في المشاورات الممهدة للتشكيل .. المستحيل!
ها أن اللبنانيين ينتظرون حكومتهم العتيدة منذ أربعة اشهر، فلا يظهر في الافق الا الاشكالات والتعقيدات والشروط والشروط المضادة..
بالمقابل تتفاقم المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، ويتزايد عجز الموازنة، وتتعاظم لعبة مصرف لبنان مع المصارف الخاصة: هاتوا الليرات وخذوا دولارات، بعدما كانت من قبل تتم على قاعدة هاتوا الدولارات وخذوا الليرات ..
تفتح دواوين الرؤساء والزعماء واشباه الرجال للتشاور ومناقشة الوضع الصعب..
يسافر رئيس الجمهورية ويعود.. ولا حكومة،
يسافر الرئيس المكلف سفرات عديدة.. ولا حكومة!
يستمر الوزراء المنتهية صلاحياتهم في ممارسة صلاحياتهم، ومن مكاتبهم، بذريعة “الاستمرارية”.. وفي اوقات الفراغ يطلقون التصريحات الرنانة عن ضرورة ملء الفراغ.
يخلع المرشحون لدخول الوزارة العتيدة ملابسهم الرسمية.. لكنهم يعودون إلى ارتدائها اذا هم لمحوا سفيرا اجنبياً او مصوراً صحافيا..
يضجر النواب وسائر المرشحين لدخول الحكومة من الانتظار فيسافرون لمتابعة مصالحهم وقد ابقوا هواتفهم مفتوحة..
أما شعب لبنان العظيم فيبادر إلى “تسفير” من تبقى من ابنائه في الوطن إلى أي مكان فيه شرطي سير وعسكري لا يطلق نار القتل على المتظاهرين (كما في باريس، اليوم، مثلاً..) احتجاجاً على غياب الحكومة!
لسان حال المواطن: نريد حكومة لنعرف من يخرب اقتصادنا ويزيد الغلاء ويهجر المزيد من ابنائنا إلى أي مكان يطعم خبزاً!..