فجأة وبعد تأجيل أول وتأجيل ثانٍ وتمديد ثالث تم تحديد موعد الانتخابات النيابية في البلد ذي النظام الديمقراطي الذي لا شبيه له ولا مثيل في هذا الكون.
امتلأت الجدران وأعمدة النور وزجاج السيارات وإشارات المرور في الشوارع بمهرجان من الصور لرجال كانوا معروفين ذات يوم، او انهم وجدوا في هذا “الزياح” فرصة لتقديم أنفسهم، بالألوان، لجمهور الناخبين الذين يعانون من دوخة الصوت التفضيلي مضروباً بالتوزيع الطائفي والمذهبي، وشرف يا علاّم الغيب اشرح لنا كيف ننتخب.
دخل اليمين المتجدد في اليسار العتيق،
ووجدت النساء، عجائز وصبايا انيقات ومراهقات جميلات، الفرصة لدخول الملعب ومنافسة الرجال او مناكفتهم او ازاحتهم من فوق سدة السلطة، بذريعة الحق في المساواة.
تحالف من لا أصل له ولا تاريخ الا هويته الطائفية مع الوافد حديثاً من المستنقع الطائفي.
وابتدع المفكر الملهم بقوة المصاهرة شعار: لكل امرأة متزوجة من أجنبي من الدرجة الأولى، (غير عربي.. وتحديداً غير سوري وغير فلسطيني) الحق في منح جنسيتها اللبنانية لنسلها المبارك!
اختلط الصح بالغلط، والتقليدي بالمجدد، وأولاد البيوت المقدسة بالرعاع، وأنزل القديسون والمقدسون إلى حلبة الصراع، وجيء بالمرضى والعجائز الذين ظن الناس انهم قد ماتوا إلى الميدان ليقارعوا الشباب الجديد الذي كان يحلم بأن يكون مواطناً فاذا هو واهم، وإذا قيده الطائفي يجعله واحداً في طابور المتعصبين المكرهين على انتخاب من لا يريد ولا يرضى أن يكون من رعاياه.
المقاطعة هرب، والمشاركة تزوير للشخصية، والحياد جبن.
أين المفر من الديمقراطية الطائفية، مع التذكير بأن الكلمة الأولى تفقد معناها مع الكلمة الثانية، وان الكلمتين معاً يلغيانك ليس فقط كمواطن بل كذلك.. كإنسان!