البداية كلمة تهنئة لهذه المؤسسة العريقة التي يشهد تاريخها بأن من اختار لها اسم، نادي المشعل، كان موفقاً في اختياره، وان من تعاقبوا على ادارته والتقدم به إلى صدارة العمل الثقافي والاجتماعي والرياضي كانوا على مستوى المسؤولية وقد جعلوه مشعلاً يبث النور ليس في بدنايل وحدها وانما في جوارها ايضاً.
وشكراً لان ادارة هذا النادي قد شرفتني فأشركتني بحفل تخرج المتفوقين الجدد من ابناء المؤسسين والذين سيضيفون صفحات من النجاح إلى تاريخ هذا النادي العريق.. وانها اتاحت لي الفرصة لأشد على يدي ضيف الشرف المهندس زخرف محمد سليمان، صاحب المبادرة الحاضنة، وكذلك على يد الحاج احمد حسين شحاده (الحاج ابو شوقي) الذي أمضى اكثر من نصف قرن مؤتمنا على مؤسسات بدنايل التربوية.
لا يعرف ابناؤنا اننا قد عشنا في الظلمتين: العتم والظلم، الجهل والتجهيل، الاهمال المتعمد واليأس من امكان تجاوز النسيان والسقوط من ذاكرة النظام وأهله.
كان علينا أن ننتظر عشرين عاماً طوالاً بعد استقلال الدولة حتى نجد في عهد الرئيس فؤاد شهاب من يهتم بان تصل الينا الكهرباء ومياه الشفة.
ثم كان علينا، وبعد وقت قصير، العودة إلى الظلمة لان الكهرباء امتياز لغيرنا، وان المياه لسقاية الحشيشة وليس لإرواء العطاش..
كان علينا أن نقصد المرجعيات السياسية لكي نحظى بمدرسة وبإدارة تسعى لجعلها منارة تضيء عقول شبابنا والشابات وتفتح امامهم الطريق إلى الجامعة ومن بعدها إلى الوظيفة المحترمة او العمل المجدي في القطاع الخاص.
الاخطر والاهم اننا كنا نواجه، قبل الوزراء والادارات، من يفترض انهم يمثلوننا في مواقع السلطة، مجلساً نيابياً وحكومة ومؤسسات رسمية، وهم يعطلون مساعينا لتعويض اهمالهم.
وكان علينا أن نتعارك في ما بيننا لان التحزب بالعشيرة او للمصالح الرخيصة كان يعمي عيون المتعصبين لجهلهم والمتسبب بهذا الجهل الذي كان يعطل عقول المستفيدين بالفتات بينما حقوقهم مضيعة او منهوبة او موزعة كغنائم على الازلام.. او على المناطق الاخرى.
أيها الاصدقاء،
لا اريد أن افسد هذه الامسية الممتعة في افياء هذا النادي العريق، الذي تجاوز الصعوبات بإرادة مؤسسيه ومن ثم اعضائه من الناشطات والناشطين وهم بمجموعهم من النخبة التي تستحق التقدير نتيجة اسهامها في بناء هذا الصرح الثقافي ـ الاجتماعي ـ الرياضي، الذي يمكن اتخاذه قدوة ومثالاً للنجاح.
اريد أن اتحدث عن الاهمال بالقصد الذي يكاد يصل حد التخريب المتعمد وبث اليأس في نفوس الشباب ودفعهم إلى الهجرة، بتأشيرات او من دونها، إلى أي مكان في البعيد البعيد يمكن أن يوفر لهم فرصة العمل، أي عمل، وتأمين مستقبل تعذر عليهم أن يحلموا به في وطنهم الجميل، في ظل نظامهم الفريد.
أيها الاصدقاء،
لقد طاولنا اليأس، فلم نعد نطلب من هذه الدولة الخدمات الطبيعية المتوجبة على حكوماتها المتعاقبة، سواء في مجال التعليم الذي ابيح لأصحاب الدكاكين، بالشراكة مع مؤسسات اجنبية لا نعرف عنها ما يمكن الاطمئنان اليه من المؤهلات والجدارة بإعداد اجيالنا الطالعة ـ امل الغد.
كذلك فلقد يئسنا من المطالبة بالمستشفيات والمستوصفات الحكومية،
الاخطر اننا فقدنا الامل في الاصلاح أي اصلاح، وسلمنا امرنا إلى اقدرانا ممثلة بالمصارف التي نصرف عليها أكثر مما تصرف علينا، والتي تعلو ابراجها الشاهقة والشاهدة على فائض ارباحها، فنظهر في ظلالها اقزاما وطوابير من المدينين الذين يخافون من الشكوى.
أيها الاصدقاء،
آسف أن كنت قد حركت المواجع… لكنكم تعيشونها في يومياتكم.
ولولا تمسككم بأرضكم واصراركم على تحدي الظلم والصعوبات والاهمال الرسمي لما كنا نحتفل معكم بعنادكم وصمودكم والحفر في الصخر، لتبنوا ثم لتحموا هذه المؤسسة المنارة، ونحن معكم هنا، لنشد على اياديكم مقدرين جهودكم في حماية هذا الصرح ذي العنوان الرياضي لكنه في حقيقة الامر منارة ثقافية تفسد على السياسيين ادعاءاتهم الكاذبة بانهم انما لأجلنا يعملون ..ولا عمل!
نقول هذه الكلمات مع تمنياتنا مواصلة النجاح ليبقى المشعل يشع نوره فيكسر جدران الاهمال المتعمد واغراق هذه المنطقة في الظلام والعطش إلى الماء المحجوز للحشيشة والعلم المباع لمن يملك الثمن.
مع تمني استمرار النجاح لهذه المؤسسة الرائدة، بقياداتها المتعاقبة وكل من تولى المسؤولية اضاف انجازاً إلى ما حققه سلفه..
وكذلك مع تمني التوفيق لهذه النخبة من المتفوقين والناجحين في الامتحانات الرسمية، والامل في أن يوفقوا لإيجاد فرص العمل اللائقة بهم في بلادهم ولا يضطرون مغادرتها ليعطوا حصيلة علمهم لبلاد الآخرين.
ومع الاعتذار عن تسببي، ولو عن غير قصد، بإفساد هذه الامسية الجميلة، العابقة بالود ومشاعر الاخوة الصادقة، اضافة الى جهود الشباب من مشاعل التنوير، بتحريك المواجع السياسية، والسياسة هي في منطقتنا اساس البلوى.. لأنها خارج السياسة.
والسلام عليكم ورحمة وبركاته.
كلمة القيت في الاحتفال الذي اقامه نادي المشعل الرياضي الاجتماعي ـ بدنايل في “مهرجان المشعل السنوي الخامس للتفوق والنجاح في الإمتحانات الرسمية ” في 26 آب 2017.