كلما قدَّرت دول العالم أن لجنون رئيس أقوى دولة فيه، دونالد ترامب، حدوداً يقف عندها فلا يتخطاها متسبباً بإثارة الفزع من حرب عالمية جديدة تدمر اسباب الحضارة والعلاقات بين الشعوب، فاجأها الرئيس الاميركي بقرار أحمق جديد يصدع الاستقرار ويضع العالم على شفير الهاوية.
وها هو يبصم توقيعه الأشبه بالعقرب على قرار بالخروج من الاتفاق الدولي حول انشطة التخصيب النووي مستهدفاً الجمهورية الاسلامية في إيران، ومعها سائر دول الكون التي وقعت على هذا الاتفاق الدولي الذي استهلك سنوات عدة من الخلافات ومناقشة تفاصيل التفاصيل حتى تم انجازه، واعتبر عيداً للإنسانية جمعاء، مع الشهادة للرئيس الاميركي السابق باراك اوباما، ومعه القيادة الايرانية بالشجاعة واحترام كرامة الانسان وخوفه على مصير الكون.
واذا كان بديهياً أن تسارع الدول الغربية الموقعة على هذا الاتفاق إلى اعلان التزامها به، والاعتراض بل الاستنكار لهذا القرار الارعن للرئيس الاميركي الذي يستفيق مع صياح الديك ليباشر “ترغلته” المرتجلة بل الهمايونية، متلاعباً بأعصاب الناس، الاقرب فالبعيد وصولاً إلى الأبعد.. ثم يذهب إلى النوم تاركاً العالم يعيش القلق من جنون هذا المخبول الذي حملته المصادفات إلى منصبه الخطير فوق سدة الحكم في واشنطن.
بالمقابل، مفهوم.. أن تزغرد اسرائيل فرحاً بهذا القرار الذي ينذر بحرب كونية لا يمكن ايقافها عند حدود إيران، ولكن غير المفهوم أن تلتحق السعودية وبعض دويلات الخليج التي ضربها غرور النفط والغاز فافترضت في ذاتها القدرة على اتخاذ قرار على هذا المستوى من الخطورة، بالموكب الاميركي الاسرائيلي، متناسية اصول الجيرة والمصالح المشتركة مع إيران، وان اية حرب عليها ستكون هذه “الدول” بين ضحاياها وليس بين المستفيدين منها… فهي أضعف من أن تكون “حليفا” حتى لو تكفلت بتحمل اثقال الحرب وكلفتها المادية والسياسية.
إن الاحقاد تعمي والتعصب يدمر الدول، فكيف اذا كانت هذه “الدول” قد ابتدعت اصلاً لاستغلال ثروة ارضها وليس لتحقيق اغراض شيوخها الذين اغرتهم الثروة بالتطلع إلى قيادة لا يملكون مقوماتها، حتى لو جاءوا بكل مرتزقة الدنيا ليجعلوا منها جيوشاً.. لاحتلال بلاد الآخرين، كما الحال في اليمن.
يجري هذا كله بينما فلسطين تنزف شبابها وصباياها في ميادين المواجهة مع وحوش الاحتلال الاسرائيلي، فتحاصره بدماء الشهداء والجرحى، فلا تجد من “اخوتها الاغنياء” سنداً لجهادهم، بل انهم يغدرون بها علناً ويذهبون إلى المحتل لإسباغ شيء من الشرعية العربية على احتلاله الوحشي والمقتلة اليومية التي يرتكبها ضد “اهلهم” في ارضهم التي كانت دائماً ارضهم.
بالتأكيد فان المخبول ترامب يراهن على حكام المصادفات القدرية التي جعلت من بلادهم ينابيع للنفط والغاز، اكتشفها واستثمرها المستعمر القديم (البريطاني ـ الفرنسي) تحت قيادة “الامبريالية” بالقيادة الاميركية.
إن الحرب الاميركية على ايران هي، في هذه اللحظة، حرب على العرب، خصوصاً، والمسلمين عموماً..
ولن يربح “دونالد ترامب” جميلاً لهؤلاء الذين جعلتهم ثروات ارضهم وبحارها اغنى من قارون .. بل هو قالها بالفم الملآن: “عليهم أن يدفعوا لي ثلاثين مليار دولار، بدل أن ينفقوها على النساء والغلمان وطاولات القمار”..
..هذه المرة، دونالد ترامب هو الذي يقامر بأموال “العربان” ومقدراتهم وامكاناتهم الذين اعطوا ملكا فلم يعرفوا كيف يحصنونه ومن لا يصون الحكم يخلعه!