بين المرشحين من هو مضطر الى تصغير حجمه المعنوي ليدخل »الدائرة« وليس اللائحة الانتخابية.
فثمة من استقر في وجدان الناس او في ذاكرتهم او في لغتهم اليومية في موقع يتجاوز حدود اعادة التقييم او التصنيف لإثبات الاهلية او الحضور.
في بيروت، مثلا، يكاد الناخب يستغرب ان يُسأل: هل يقترع لسليم الحص ام لا؟!
ذلك انه يفترض ان سليم الحص يحمل تفويضا مفتوحا منه او »وكالة غير قابلة للعزل«، قد أعطاها وانتهى الامر، فلا تحتاج تمديدا او تجديدا لأنها نابعة لدى الطرفين من موقف مبدئي.
كذلك فإن وزيراً ناجحاً مثل فارس بويز قد استقر في ذاكرة الناس، بفضل ادائه المتميز في السياسة الخارجية وحضوره الدائم في الصراع المفتوح مع العدو الاسرائيلي ومخططاته التوسعية ومشروعاته المفخخة، ما يخرجه من حلبة المناكفات »الكسروانية«، ويثبّته في موقعه بمعزل عن حجم الاصوات التي قد ينالها هو والتي قد يسبقه اليها منافسوه في »الدائرة« الناشطون للاعتناء بهمومها المباشرة.
وبرغم ان جان عبيد قليل الحضور، اعلامياً، الا انه لامع الحضور سياسيا، بحيث يراه الكثير من الناس قاب قوسين او ادنى من رئاسة الجمهورية، وربما لهذا يفترضون انه خارج دائرة المنافسة على مقعد نيابي.
وإذا كان البعض يستغرب ان جان عبيد، الآتي من بيئة فلاحية فقيرة، والمناضل في الشارع ثم بالقلم لأكثر من ربع قرن، قد انتقل من بين فلاحي علما الى قصره على قمة جبل تربل او »البوسيط« المطل عليها، فإن هؤلاء ينسون ان غنى »ابي سليمان« الحقيقي صداقاته وعلاقاته الناجحة والواسعة كما اتساع الافق تحت قصره المفتوح على الجهات الاربع بغير حواجز او حدود.
إن كنز الصداقات عند جان عبيد لا يفنى، ولقد أعطى جان عبيد اصدقاءه سياسياً من دون منّة وغالبا من دون طلب، وليس غريباً ان يردوا له التحية بمثلها.
وبين المفارقات المزعجة ان تكون المقتضيات الانتخابية قد وزّعت الاصدقاء على لوائح متنافسة، فبات جان عبيد والرجل الدمث والهادئ اكثر مما يجب عبد الله الشهال في »اللائحة الاولى«، بينما رفيق ايام الصبا والشقاء محمود طبو في »اللائحة الثانية«، والاتصال محظور حرصاً على تماسك اللائحة!!
لقد دفع محمود طبو ضريبة الوفاء مرة، وها هو الآن يدفع ضريبة الالتزام بما أعد نفسه له مرة ثانية، متغاضيا عن مواقف الآخرين، ولا سيما اولئك الذين أفادوا منه في »الحرب« ثم تركوه في »السلم«!
ونعود الى بيروت، قلب الوطن ومنارته، حيث يكمل نجاح واكيم مشواره الصعب، مجتهدا في التعبير عن ضمير ناسها، فينجح غالبا في الاساس ويخطئ احيانا في الشكل، لكنه يبقى أحد الأقربين الى نبض المواطنين وأحد الأصدقين في التصدي لعلاج همومهم او في التذكير بمطامحهم التي تتسامق نحو الغد الأفضل.
»ط. س«