كان من الضروري أن يحمل المؤتمر صفة “الدولي” لكي يتسع لسبع دول عربية، معظمها خليجية، بقيادة السعودية، وموقعه اوروبي برنين “عربي”، حتى لا ننسى دور اوسلو في اتفاق تصفية القضية الفلسطينية بقيادة محمود عباس…
وهكذا أمكن أن يتراصف رئيس حكومة العدو الاسرائيلي بنيامين نتنياهو مع وزراء الخارجية او ما يعادلها لسبع دول عربية بينها السعودية وسلطنة عُمان والبحرين و… ومن سبق إلى الاعتراف والتطبيع مع “العدو”.
دخل نتنياهو قاعة المؤتمر يمشي ملكا، في حين تحاشى الوزراء العرب الحديث إلى الصحافيين، مع أن بعضهم كان يجلس إلى جانب رئيس حكومة العدو على المنصة ذاتها، تدليلاً على انفتاح باب “الاخوة” على مصراعيه بين اعداء الماضي الذي يريد جميعهم أن ينسوه.
لقد انتهى عصر التخويف بتهمة الخيانة وبيع فلسطين، ومعها المستقبل العربي، عبر مناقصة دولية مفتوحة.
انتهى عصر الارهاب، وجاء عصر السلام: واشنطن تحاور واشنطن بود، بل وتتحدث إلى كوريا الشمالية بلغة الصداقة والود والمصالح المشتركة.. وها أن عواصم عربية عدة قد فتحت قلبها وذارعيها لنتنياهو، من القاهرة إلى عمان وعُمان، ومعها تشاد.. ولدى “بطل الحرب والسلام” هذا دعوات من عواصم عربية أخرى..
يكفي التذكير بأن مقعد سوريا في جامعة الدول العربية ما زال خالياً.. والأمين العام لهذه الجامعة التي فقدت مبرر وجودها ودورها، احمد ابو الغيط يرى أن الوقت ما زال مبكراً لعودة سوريا إلى أحضانها.. مع التذكير بأنه ـ ابو الغيط ـ من رواد التطبيع مع العدو الاسرائيلي.
بديهي والحالة هذه أن يرفض المشاركون في المؤتمر الدولي في وارسو عودة سوريا إلى مقعدها الشاغر في جامعة الدول العربية، بل وان يعملوا على انهاء الدور القومي لهذه الجامعة، وان يحولوها إلى مكتب تصديق على عمليات “التطبيع”.
وبديهي ايضا أن يهرب الوزراء العرب من اسئلة الصحافيين ومحاولة تبرير وجودهم في هذا المؤتمر الممهد لإعلان الخيانة جهراً.
على أن تظاهرات كل يوم جمعة في غزة وانحاء أخرى من فلسطين قادرة على أن تمحو كل ما يتقرر خارجها في حملة تواطؤ دولية على هويتها القومية، بتواطؤ عربي مكشوف لا ينفع في تغطيته الكفافي والعِقلْ المذهبة الآتية من الجاهلية والآخذة إلى جاهلية جديدة.. بلغة أميركية.