ها هي السعودية تعترف، ولو اعترافاً ناقصاً ومشوهاً للحقيقة، بارتكاب الجريمة التي لا مثيل لبشاعتها بل وحشيتها التي تذكر العالم بهمجية القتل البدوي وانتماء مملكة الذهب إلى ما قبل التاريخ: اغتيال الكاتب الصحافي ـ السعودي ـ جمال خاشقجي.
قالت المملكة المذهبة بلسان “قضاتها” الذين لا يختلفون كثيراً عن بعثة السفاحين إلى اسطنبول لذبح كاتب سلاحه قلمه وتقطيع جثته بسكاكين مسنونة ثم تقطيعها إرباً إرباً قبل تذويبها بالأسيد، وتعبئة “البقايا” في أكياس تمهيداً لإخراجها من القنصلية ذات السيفين المتقاطعين على نخلة يحيط بها الشعار الإسلامي “لا إله إلا الله”،
قالت المملكة: أن هؤلاء السفاحين قد ارتكبوا جريمتهم من دون أمر أو إذن ولا علاقة للذرية الصالحة في العائلة المالكة بالسيف بهذا الأمر!
لم يصدق أحد في العالم هذه الرواية البتراء عن الجريمة الشنيعة وغير المسبوقة بعلنيتها كما بضحيتها الذي لم يرتكب خيانة أو جرماً شائناً..
بل لعل العالم بأسره قد اعتبر هذه “الأحكام” التي لا تحترم عقول الناس مجرد محاولة بائسة لتبرئة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بل الأسرة المالكة التي اقامت حكمها بالسيف والإتكاء على الأجنبي منذ “تنصيبها” وحتى اليوم.. من دم هذا الكاتب الذي لم يكتب حرفاً ضد ولي العهد أو أبيه، أو أعمامه، أو خؤولته، أو عبيده.. ولا هو هاجم بلاده (السعودية) أو الأسرة الحاكمة فيها، وان كان قد اجتهد في محاولة “ترشيد” الحكم، لا سيما بعد تسلم ولي العهد مهامه التي دفع ثمنها الركوع على قدميه أمام ابن عمه ولي العهد الأصيل الأمير محمد بن نايف ليطلب منه السماح عن “جريمة” خلعه… قبل أن يعتقله مع مجموعة من الأمراء ويودع في قصر الفندق الفخم “ريتز” في الرياض..
“الحكم القضائي” الذي أصدرته السعودية في محاولة لتمويه الوقائع وطمس الحقيقة لا يمكن أن يقبله عقل فضلاً عن أن يقبله الضمير.. فالكل يعرف انه لا يمكن أن تتحرك مجموعة مختارة من رجال المخابرات السعودية لتنفيذ مثل هذه “الجريمة” البشعة إلا بعلم ولي العهد وموافقته، بل وبأمره مباشرة..
ومن البديهي أن ترفض تركيا هذا القصاص “الخنفشاري” عن جريمة بفظاعة قتل كاتب، لم يحمل السلاح يوماً، ولم يكتب حرفاً واحداً ضد “مملكة السيف والذهب”..
والأنكى انه قد ذهب بقدميه إلى قنصلية “بلاده” في اسطنبول ليسجل مشروع زواجه العتيد وترك خطيبته تنتظره في الخارج ومعها هاتفه المزود بالكاميرات واجهزة التسجيل.. تحوطاً.
مملكة الذهب والسيف لن تخرج من قفص الإتهام.. فجرائمها أكثر من أن تحصى من اليمن إلى أربع أنحاء العربية.. انتهاء بإسطنبول.